لماذا تتساءلين يا شاعرة البدايات؟
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

حيرى أنتِ، دوماً تسألين ثم تسألين أين أنا الآن بين صفوف الأولين؟.
هل تذكرين أنك كنت نائمةً. أم أنك كنت ما بين من يهفو إلى نومٍ عميق ومن يستغرقه الصحو. فإذا نداء من عمق روحك وخيالك يوقظك ويهمس لك: «إذا اتكأت على الحنين إلى الأمل ضاعت خطاك في وحشة الصحراء، فلا الحنين صلابة، وما الصحراء إلا هشاشة الرمل». فصحوت من غفلة وغفوة، ونهضت تبحثين عن يقين ليرشِدكِ إلى طريق الأمل، لكنك في كل ما تقت إليه لم تعثر إلا على الشكِ الجليلِ ليعصمكِ. كل سني عمرك ترمدت وتبعثرت في خطوك المشبوب بالشوق والتوق إلى جمرة الشعر لتشعلك. فهل ضعت على طرقات الأماني لغفلتك، أم أنك تهت، فلم تعثري إلا على وهم سراب ليأسرك. هل أنت من يرشدك إليك وإلى كل من حولك قريباً أم بعيداً، أم أنها الطرقات التي رُسمت قبل خطاك، تقودك من يقظة أو غفوة؟، فلا نوم سخي يغطُّ بك في محيط الحلم الذي تتوقين إليه، ولا صحو مضيء يوقظك ويشف بيقظتك ويحتفي بك في رونق الصباح!.
ما بين بينين تمضي بك الأيام، فلا أنت حضور ساطع يشعشعك، ولا شبح في الحلم يبين ويختفي، كيما تظنين غيابك، تقولين هذا هو الدرب، فيسخر الدرب من قولك، تقولين ذاك هو الدرب فلا ترين إلا السراب الذي يخدعك على مدى الدرب، فبأي زيت تشعلين قنديلك لكي تري حتى في اشتداد العتم نورك؟.
وأي جمرٍ يعصى على الريح ليدفئ بردك، وأي جوهرة أضعتيها فلم تعثري إلا على الوصايا التي دفنت في ترابك؟، كم أنت بدائية في شغفك الدائم الطليق، وبدائية في نسج أحلامك، وفي نقشك الشعر على صفحات وجودك، وفي الحب أيضاً، وفي ما تشتهي وتتوق إليه روحك، بدائية أنت دائماً في الخطوات، وفي العثرات، حتى في صحوك ونومك وفي سهوِك. كأنك لم تجمعي العمر في سلة العمر على مدار السنين. ولم تقطفْ لؤلؤاً من شهوةِ البحرِ. ولم تنتق العصيان فرسا ولا تيها. أين الطريق إذا لتكوني كما شئت. وما شاؤوا لك ليس سوى ركاماً خلفته رحالك. أرأيتِ كيف تذهبين إلى البعيد، بلا نقوش تقرأين مسارها، ولا دليل ليرشدكِ. أرأيتِ كيف الظنون تخونك، ويخونك الحدسُ الشفيف، وما تبصر عيناك في تحديقهما، حيرى أنت يا شاعرة البدايات، ودوما تسألين ثم تسألين أين أنا الآن بين صفوف الأولين؟، لكنك نسيتِ أنك ربما لن تجدي من يجيب عن سؤالك، لأن السؤال إذا لم يجد الجواب الذي يشفي ابتداء سؤالك يظل يجر أذيال السؤال.



إقرأ المزيد