«العدل الدولية».. أصداء قرار تاريخي عن المناخ
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

في الشهر الماضي، أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً شاملاً بشأن الواجبات القانونية للدول في مواجهة تغير المناخ، مطالبة بـ«تخفيضات عميقة وسريعة ومستدامة» للانبعاثات، وفاتحة الباب أمام رفع دعاوى قضائية للمطالبة بتعويضات عن أضرار المناخ. يُعد هذا الحكم لحظة فارقة في القانون الدولي تستحق اهتماماً أكبر مما حظيت به.

ففي جوهره، اعتبرت أعلى محكمة في الأمم المتحدة التقاعس عن العمل المناخي انتهاكاً لحقوق الإنسان وخرقاً للقانون الدولي. من المؤكد أن هذا الحكم سيسبب أضراراً اقتصادية كبيرة مع عواقب بعيدة المدى على رفاهية البشر. ورغم أنه من الناحية الفنية استشاري وغير ملزم، إلا أن مثل هذه البيانات من محكمة العدل الدولية تُعتبر تفسيرات موثوقة للاتفاقيات والقوانين الدولية ذات الصلة – ويمكن أن تؤثر على كل من المحاكم الدولية والوطنية.

وبالتالي، يمنح الحكم الدول والنشطاء أداة قوية لدفع المزيد من الدعاوى المناخية. أي دولة يمكن مقاضاتها إذا قصرت عن الوفاء بالمعايير القانونية التي يضعها الحكم - بما في ذلك الولايات المتحدة، على الرغم من انسحابها من تعهدات اتفاق باريس بشأن المناخ.

يحذر قرار محكمة العدل الدولية، على سبيل المثال، من أن «فشل الدولة في اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية نظام المناخ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري» – بما في ذلك عبر إنتاج الوقود الأحفوري أو استهلاكه أو حتى منح تراخيص الاستكشاف – «قد يشكل عملاً غير مشروع دولياً». وقد خلصت شركة المحاماة الدولية «سيمونز آند سيمونز» إلى أن الحكم سيعمل على «إعادة تعريف المشهد القانوني لحوكمة المناخ العالمية» وحتى تشكيل قرارات المحاكم الوطنية بشأن السياسات الداخلية. في الشهر الماضي، بلغت الدعاوى المناخية على مستوى العالم 3099 دعوى، مقابل 2550 دعوى قبل عامين. ومن بين المستجدات، استخدمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حجة حقوقية لإجبار سويسرا على اتباع سياسات مناخية أكثر صرامة – مما خلق سابقة قانونية من المتوقع أن تفتح الباب أمام المزيد من الدعاوى. كما قضت محكمة ألمانية بأن الشركات يمكن أن تواجه دعاوى مدنية بسبب أضرار مناخية، وهو أمر ينبغي أن يقلق أي شركة أميركية تعمل في أوروبا.

أما داخل الولايات المتحدة، فهناك دعاوى ضد شركات الوقود الأحفوري بشأن ارتفاع مستوى سطح البحر. ويتوقع نشطاء المناخ موجة جديدة من القضايا تُضاف إلى هذا الطوفان العالمي المتزايد. تكمن أكبر مشكلة في الحكم في تركيزه الضيق على المخاوف المناخية عند مناقشة حقوق الإنسان، ينتهي الأمر بمحكمة العدل الدولية إلى التقليل من أهمية العديد من احتياجات البشرية الأخرى مثل: الغذاء، والرعاية الصحية، والتعليم والوظائف.

ومع ذلك، تُعد السياسات المناخية الصارمة من أقل الطرق كفاءة لتحسين رفاهية الإنسان، كما أظهرت مئات التقييمات الخاصة بالتكلفة والعائد التي أجراها مركز إجماع كوبنهاجن الذي أترأسه.

ودعوة المحكمة للدول الغنية لدفع تعويضات إلى الدول الفقيرة تفترض أن الوقود الأحفوري شر محض. نعم، الوقود الأحفوري يسبب الاحتباس الحراري، لكنه محرك هائل للتقدم منذ الثورة الصناعية، إذ أنه حفّز التطور في الزراعة والطب والتكنولوجيا. تغير المناخ يتطلب حلولاً جدية. لكن حكم محكمة العدل الدولية سيؤدي إلى دعاوى قضائية مكلفة بدلاً من تركيز الاهتمام على الابتكار الأخضر اللازم لتقديم حل فعلي طويل الأمد – أو الاعتراف بالعديد من الطرق لمساعدة البشرية التي لا علاقة لها بسياسة المناخ.  

بيورن لومبورج*

*رئيس مركز إجماع كوبنهاجن، وزميل زائر في مؤسسة هوفر بجامعة ستانفورد

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»
 



إقرأ المزيد