جريدة الإتحاد - 8/21/2025 11:51:49 PM - GMT (+4 )

الإمارات تقدِّم للعالم اليوم نموذجاً متميزاً في العمل الإنساني، يعززه توجيهات القيادة الرشيدة بأن تكون التكنولوجيا موجَّهة دائماً نحو القيم التي تدعم كرامة الإنسان، وأن تكون الحلول التكنولوجية شريان حياة لتخفيف معاناة البشر وتعزيز قدرات مجتمعاتهم على الصمود.
تُثبت دولة الإمارات، يوماً بعد يوم، التزامها الراسخ باستخدام التكنولوجيا كقوة إنسانية بغض النظر عن الانتماء والدين والجنسية، وهو إرثٌ غرسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، كما يظهر في قوله: «إننا نقدم المساعدات لبُلدان العالم الثالث أولاً، وقبل كل شيء، إيماناً منا بالواجب الإنساني، وإننا نشعر بمسؤولياتنا الإنسانية تجاه هذه الشعوب». وتستمر دولة الإمارات في النهج ذاته مع رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في تعزيز الدور الرائد الذي تقوم به الأيادي الإماراتية في مجال العمل الإنساني، إذ أكَّد سموه: «استعداد دولة الإمارات الدائم لتقديم مختلف أشكال الدعم لجهود الأمم المتحدة والمبادرات الإنسانية عامة، وذلك في إطار نهج الدولة الإنساني الأصيل، وإرثها التاريخي الراسخ، الذي يقوم على التعاون، والعمل الإنساني الذي يحقق الاستقرار والأمان للشعوب، سواء على المستوى الإقليمي، أو الدولي، وانطلاقاً من إيمان الدولة بأن حياة الإنسان، وصون كرامته، فوق كل اعتبار، وفي مختلف الظروف».
ومع احتفال العالم قبل أيام، في 19 أغسطس، باليوم العالمي للعمل الإنساني، بوصفه مناسبة لتقدير الذين يبادرون بمدِّ يد العون إلى غيرهم، فإن من الواجب هنا تسليط الضوء على جهود دولة الإمارات في هذا السياق، وإبراز مكانتها كمنارة عالمية تسخِّر التكنولوجيا المتقدمة في خدمة شعوب العالم ومجتمعاته، وتُسطِّر الدولة فعلًا، وفي كل مناسبة، فصولاً جديدة ومشرقة في كيفية دمج الابتكار مع التعاطف بين الدول.
ويستند هذا النهج إلى مبدأ مفاده أن التقدم الحقيقي في التكنولوجيا لا ينبع فقط من بناء المدن والاقتصادات الأكثر ذكاءً، بل من ضمانٍ أن تُسهم في تجاوز الحدود للوصول إلى المحتاجين. ولعل من الأمثلة على هذا الترابط بين التكنولوجيا والعمل الإنساني استثمار الإمارات في تكنولوجيات الفضاء للإغاثة من الكوارث، حيث أطلقت أقماراً صناعية من بينها «خليفة سات» لتوفير صورٍ عالية الدقة وبياناتٍ تخدم الوكالات الدولية في الاستجابة، بسرعة وفاعلية، للفيضانات وحرائق الغابات والزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية.
ويعكس هذا النهج، في الواقع، فلسفةً أوسع نطاقاً توكِّد عليها القيادة الرشيدة دائماً، وفي أكثر من مكان، فخلال جائحة كوفيد-19 على سبيل المثال، لم تألُ الحكومة جهداً في تطوير الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة الاختبارات وتوزيع اللقاحات، ليس فقط على المستوى المحلي، بل أيضاً من خلال توسيع نطاق هذه الأنظمة دوليّاً. وتعاونَ الهلال الأحمر الإماراتي مع المنظمات العالمية المعنية لتقديم المساعدات الإنسانية والدعم اللوجستي المُعزَّز بمنصات الصحة الرقمية وأدوات تتبُّع وتحليل البيانات المتقدمة، ما ضمن مستويات عالية من الاستجابة وسرعةً في توصيل الإمدادات الطبية إلى الدول الأكثر تضرراً. وأسهم «ائتلاف الأمل» العالمي، الذي اختار تحديداً أبوظبي مقرًا له لتكون مركزاً لوجستيّاً متكاملاً له، في تسخير أحدث تكنولوجيات التبريد الفائق للقيام بالمهمة الإنسانية الضخمة حينها، والتي شملت تأمين مليارات اللقاحات للمحتاجين إليها حول العالم.
وإدراكاً لأهمية التعليم في مستقبل البشرية، وإيماناً من الإمارات بأن التعلُّم من خلال التكنولوجيا هو في حد ذاته عمل إنساني، فإن الدولة ترعى أيضاً مبادرات رقمية متقدمة لضمان استمرار أطفال العالم في دراستهم، حتى في المناطق المحرومة أو المتضررة من النزاعات. ومن بين الأمثلة العديدة، مبادرة «مدرسة» التي أطلقتها مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية كمنصةٍ رائدة توفِّر محتوى تعليميّاً متميزاً باللغة العربية في مواد العلوم والرياضيات، وهي متاحة مجاناً ولأكثر من 50 مليون طالب عربي أينما كانوا.
وفي المحصلة، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تقدِّم للعالم اليوم نموذجاً متميزاً في العمل الإنساني، يعززه توجيهات القيادة الرشيدة بأن تكون التكنولوجيا موجَّهة دائماً نحو القيم التي تدعم كرامة الإنسان، وأن تكون الحلول التكنولوجية شريان حياة لتخفيف معاناة البشر وتعزيز قدرات مجتمعاتهم على الصمود.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
إقرأ المزيد