«التاجر الصغير» وترسيخ ثقافة ريادة الأعمال
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

في خطوة مهمة تعكس التزام دولة الإمارات العربية المتحدة ببناء جيل مبدع ومبتكر مزوّد بمهارات وخبرات عملية تطبيقية، أعلنت وزارة التربية والتعليم عن إطلاق مشروع «التاجر الصغير»، الذي يهدف إلى تطوير ثقافة ريادة الأعمال لدى الطلبة، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز ثقافة الابتكار والإنتاجية.
ويركّز هذا المشروع على تعزيز المهارات العملية لدى الطلبة عبر تجارب تتناسب مع فئاتهم العمرية المختلفة، بدءاً من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، إذ من المقرر أن يتم تدريب الطلبة على مفاهيم مثل التسعير، وإدارة الأرباح، واختبار الأسواق، وجذب المستثمرين.. بأساليب تعليمية تفاعلية تعزز التعلم القائم على الممارسة والتجربة الواقعية. 
ويأتي مشروع «التاجر الصغير» في سياق رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، والتي تضع دعم التعليم والاستثمار في الأجيال الناشئة في مقدمة أولوياتها. وهذا ما عبّر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بقول سموه: «التعليم يمثل أولوية وطنية قصوى، كما أن الاستثمار في الإنسان هو الاستثمار الحقيقي الذي ننشده».
ويُعد تطوير ثقافة ريادة الأعمال من أهم المهارات الضرورية والتنافسية في عالم يشهد تطوراتٍ تقنيةً وتجاريةً متسارعةً، ويشتمل هذا التطوير على عدد من المهارات العملية التي لا يوفّرها التعليمُ التقليدي النظري.
 ويستهدف مشروع «التاجر الصغير» أكثر من 100 ألف طالب وطالبة من المدارس الحكومية والخاصة، ومن المقرر أن يستقبل أكثر من 2000 فكرة ومشروع طلابي، يتم ترشيح أفضل 100 منها للمشاركة في معرض وطني رئيسي يغطي كافة إمارات الدولة، لتتم إتاحة المجال للطلبة أصحاب 10 مشاريع مشاركة، عرض مشاريعهم أمام مستثمرين وروّاد أعمال لتوفير فرص دعم واستثمار حقيقية، وتحويل أفكارهم إلى مشاريع ناشئة.
وفي واقع الأمر، يندرج تنفيذ هذا المشروع في إطار الحملة الوطنية «الإمارات عاصمة رواد الأعمال في العالم» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بهدف تمكين شباب دولة الإمارات من المشاركة في عملية التنمية الاقتصادية، والاستفادة من الفرص التي يوفّرها الاقتصاد الوطني، فهو يُعد تطبيقاً عملياً لتوجيهات القيادة الرشيدة في تمكين الشباب والأجيال الناشئة، وتعزيز ريادة الأعمال الوطنية، بما يرسّخ مكانة دولة الإمارات كنموذج عالمي في الاستثمار في الإنسان والتنافسية، ويسهم في عملية تنويع الاقتصاد الوطني، الذي يوظّف الابتكار في مواجهة التحديات العالمية، خاصة مع التطور والتحول الرقمي المتسارعين.
ووفقاً للجدول الزمني المعلن، فمن المقرر أن يبدأ التسجيل في مشروع «التاجر الصغير» في نوفمبر 2025، تلي ذلك مرحلة تقييم للمقترحات، ثم مرحلة التنفيذ الفعلي للمشاريع، وهو ما يعكس جهداً حثيثاً لتوفير برنامج متدّرج يهدف إلى بناء قدرات الأجيال الناشئة، وتحويل أفكارها إلى مشاريع واقعية ناجحة.
ويتيح المشروع للطلبة، من خلال مشاريعهم، فرصة خوض تجربة عملية في عالم التجارة والأعمال، مثل بيع المنتجات المحلية، أو ابتكار خدمات جديدة، تحت إشراف ودعم المعلمين والخبراء، كما يُمَكنهم من الاضطلاع على تجارب إماراتية ناجحة في ريادة الأعمال، تمثل أمثلةً تطبيقيةً لما كان في البداية عبارة عن فكرة صغيرة تحولت إلى إنجازات كبيرة. 
ومن شأن خوض التجارب العملية التي تجمع بين التعلم والعمل، أن تسهم في تعزيز الثقة بالنفس، وتطوير مهارات التواصل والتسويق، وفهم أساسيات الاقتصاد، فالتجارب العملية تعتبر جسراً بين الفهم النظري والتطبيق العملي، حيث تُرسّخ المفاهيم في الأذهان وتُنمّي مهارات التفكير النقدي والإبداع وحل المشكلات. 
ويمثل إطلاق مشروع «التاجر الصغير» امتداداً لرؤية دولة الإمارات ووزارة التربية والتعليم في إعداد جيل مبدع ومبتكر يسهم في بناء اقتصاد معرفي، ويسهم في دمج الطلبة في بيئة تعليمية تطبيقية تمكّنهم من اكتساب مهارات التفكير الريادي والإدارة المالية، وخدمة العملاء، ما يعزز ارتباط المدرسة بالحياة الاقتصادية الواقعية.

* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. 



إقرأ المزيد