«راشد 2».. خطوة جديدة في ريادة الفضاء
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

في عالم يتسارع فيه السباق نحو الفضاء، يواصل فريق مركز محمد بن راشد للفضاء استعداداته لإطلاق المستكشف القمري «راشد 2»، حيث تقرر إطلاقه عام 2026. ويُعد المستكشف النسخة المطورة من أول مستكشف عربي وإماراتي للقمر، ليحمل معه سلسلةً من الدراسات والتجارب العلمية الطموحة، أبرزها التجارب الخاصة بالعجلات ودورها في فهم طبيعة التربة القمرية، لتبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كفاعل رئيسي يجمع بين الطموح والابتكار.
ويُعتبر المستكشف «راشد 2»، الذي تم تطويره ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، نقلة نوعية في برامج الإمارات الفضائية، إذ يمضي أبناء الإمارات بقوة وهم يمتلكون رصيداً من الخبرات السابقة في هذا المجال، ليمثل «راشد 2» خطوة متقدمة تهدف لاستكشاف الجانب البعيد من القمر في عام 2026، بالتعاون مع شركة فايرفلاي إيروسبيس الأميركية.
ومن المخطط له أن تتضمن التجارب على سطح القمر تثبيت عينات من مواد مختلفة على أجزاء من عجلات المستكشف «راشد 2»، لمراقبة مدى التصاقها بغبار القمر تحت ظروفه البيئية القاسية، إلى جانب تحليل آثار حركة العجلات أثناء تنقل المستكشف، بما في ذلك قياس عمق الغوص والانزلاق وقوة الاحتكاك، حيث من المرتقب أن تسهم هذه البيانات في تطوير أنظمة الحركة للمستكشفات المستقبلية، وتزويد المجتمع العلمي بمعلومات دقيقة تدعم مشاريع الاستكشاف القمري العالمية.
ويحوي المستكشف «راشد 2»، تقنياتٍ متقدمةً تشمل الذكاء الاصطناعي للتنقل الذاتي على سطح القمر، وكاميرات عالية الدقة، ضمن مهمة المستكشف لدراسة التربة القمرية، والبحث عن موارد محتملة على سطح القمر، وهو ما يعكس تطوراً نوعياً في القدرات التكنولوجية الإماراتية، المبنية على خبرة سابقة تسهم في تحسين التصميم والأداء.
وترتبط النجاحات التي تحققها دولة الإمارات في مجال الفضاء بخبرات متراكمة، بدأت منذ إنشاء وكالة الإمارات للفضاء عام 2014، وامتدت خلال عقد واحد فقط، لتحقق الدولةُ إنجازاتٍ مهمةً، مثل إطلاق مسبار «الأمل» إلى المريخ عام 2021، الذي أصبح أول مهمة عربية تصل إلى الكوكب الأحمر، مقدِّماً بياناتٍ فريدةً عن غلافه الجوي. كما أرسلت الدولةُ هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي، إلى محطة الفضاء الدولية في عام 2019، تلاه معالي الدكتور سلطان النيادي الذي قضى ستة أشهر في الفضاء عام 2023، مساهماً في تجارب علمية حول الصحة والزراعة في البيئات الفضائية. وتأتي هذه الخبراتُ التراكميةُ مدعومةً بسياسة فضائية وطنية واضحة، شملت توقيع اتفاقيات دولية مع وكالات مثل «ناسا» و«الوكالة الأوروبية للفضاء»، إضافةً إلى إنشاء برامج تعليمية لتدريب الشباب على علوم الفضاء.
كما يُعد مشروع «راشد 2» استثماراً استراتيجياً يعزّز عائد البرامج الفضائية الإماراتية، فقد بلغ حجم اقتصاد الفضاء في دولة الإمارات أكثر من 22 مليار درهم بين عامي 2015 و2020، مع استثمارات تجارية تشكل 44% من هذا الإجمالي، إذ لم تقتصر هذه الاستثمارات على الإنفاق الحكومي، بل شجعت القطاع الخاص على المشاركة. فقد تم إنشاء مناطق اقتصادية خاصة بالفضاء في إمارة أبوظبي تهدف إلى جذب الشركات العالمية وتعزيز الابتكار. ووفقاً لمسح اقتصادي أجرته وكالة الإمارات للفضاء، عام 2025، فقد كانت هناك زيادة بنسبة 14.8% في الإنفاق على البحث والتطوير، مع مساهمات كبيرة من قطاع الاتصالات والمراقبة الأرضية.ويتجاوز العائد الاقتصادي الإيرادات المباشرة، فمن المتوقع أن تسهم البرامج الفضائية في عملية التنويع الاقتصادي وتطوير التقنيات، مثل الذكاء الاصطناعي، والمواد المتقدمة، والتنقل الذاتي، وهي تقنيات يمكن توظيفها في قطاعات عدة منها على سبيل المثال لا الحصر الزراعة الذكية والاستكشاف الجيولوجي.
إن مشروع «راشد 2» يأتي متوائماً مع رؤية الإمارات 2071، التي تهدف إلى جعل الدولة مركزاً عالمياً للعلوم والتكنولوجيا، كما أنه لا يقتصر على كونه مهمة علمية فحسب، إذ يمثل كذلك رمزاً للإصرار الإماراتي على الريادة في مجال الفضاء، وتحويل التحديات إلى فرص تعزز مكانة الدولة كقوة ناشئة في اقتصاد الفضاء العالمي.



إقرأ المزيد