توقعات بالنتائج المستقبلية لاتفاقية غزة
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

بالتوقيع على اتفاقية إيقاف الحرب في قطاع غزة، استناداً إلى مبادرة رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب لعام 2025، وعلى ضوء النتائج التي تمخّضت عنها حتى الآن، يمكن الإشارة إلى أن اجتماعات القمة التي تُعقد على صعيد المنطقة قد انتقلت من مرحلة حوارات الجيوبوليتكس التي كانت تدور حول نقاشات سياسية لا نهايات ملموسة لها وتدور في حلقات مفرغة إلى مرحلة الجيو إيكونوميكس ذات النتائج المثمرة؛ بمعنى أنها تحولت من استراتيجيات الجغرافيا السياسية إلى استراتيجيات الجغرافيا الاقتصادية.
ويُعد ذلك تحوّلاً تاريخياً مهماً في طرق قضايا المنطقة يجعل المرء يميل إلى تبنِّي منهج جديد بأن تصبح قضايا التعاون الاقتصادي والتجاري بديلاً للصراعات والحروب المسلحة المجردة التي شكّلت تهديداً حقيقياً لأمن ومستقبل جميع دول المنطقة.
على ضوء ما يحدث، نحن نعتقد بأن القوة الاقتصادية هي التي ستصبح أكثر أهمية وأقل كلفة في حيازة القوة والحصول عليها، عوضاً عن السعي للحصول على القوة العسكرية لحل المشاكل. ومع تنامي قوة التكتلات الاقتصادية في عالم اليوم يُصبح بروز الأبعاد الأمنية لها أمراً حتمياً.
وفي خضم الجيو إيكونوميكس الجديد ستعمل دول المنطقة على تأكيد نفوذها عبر تدفقات رؤوس الأموال والتكنولوجيا وعناصر الذكاء الاصطناعي، عوضاً عن بناء القوة العسكرية ونشرها والاستعداد للحروب.
ولو أخذنا بعين الاعتبار أن التشابه في الظروف الموضوعية للدول التي قامت بالتوقيع على اتفاقية غزة التاريخية على صعيد الاقتصاد واحتياجات المجتمعات الفعلية إلى السلام والأمن والرفاه الاقتصادي، فإن ذلك يُشكِّل مدعاة للتعاون الوثيق والتنسيق والتشاور.
وحقيقة أن هذه الدول لا تنقصها الرغبة في التعاون ولا الإمكانيات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بمعانيها الفعلية والجوهرية الشاملة لخلق هذا التعاون، فالكل يريد السلام والأمن، ويريد التنمية والرفاهية الاقتصادية والتقدم والارتقاء على صعيد كافة المجالات.
ونتيجة لذلك، وبرغم من الكثير من العقبات والعراقيل المحتمل لها أن تبرز، إلا أن ما يبدو من قراءة مستقبل المشهد السياسي والأمني والاقتصادي هو أن الشعور العام الذي سيسود هو الرغبة في التعاون الاقتصادي والتجاري، لأنها هي المفاتيح الفعلية لتحقيق السلام والتعاون السياسي.
من المعلوم أن التوقيع على اتفاقية غزة هو شأن سياسي، لكنه يُشكِّل واجهة مستقبلية لقضايا اقتصادية وتجارية كثيرة الأهمية.
ويُشكِّل موضوع إعادة الإعمار في غزة مدخلاً أولياً رئيسياً. ويتعلق الأمر بالاتجاه بأن سوقاً تجارية ومنطقة اقتصادية كبرى ستقوم لكي تُنتج كمّاً ضخماً من المعاملات.
هذه السوق ستتشكّل من دول عدة، ومن ثم، فإن هذه الدول وحدودها السياسية لن تقف عائقاً أمام حركة الاقتصاد والتجارة التي سيستفيد منها الجميع.
وبالتمعُّن في هذه النظرة المستقبلية، لا تفرق بين أساس العلاقات الاقتصادية في داخل هذه الدول وبين العلاقات الاقتصادية الخارجية فيما بينها.
وإذا ما كان الشيء بالشيء يذكر، فإن الاقتصاديين التقليديين يشيرون إلى أن مبدأ التعاون والتنسيق هو الذي يتحكم في التجارة والاقتصاد بكافة صورها، سواء كانت في داخل الدول أو فيما بينها.
وهذا ما نعتقد بأنه سيتمخّض عن اتفاقية غزة مستقبلاً. وها نحن منتظرون، وإن غداً لناظره قريب.
*كاتب إماراتي.



إقرأ المزيد