قمة الآسيان 2025.. صفقات أميركية كبرى
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

انصبّ الاهتمام في القمة السابعة والأربعين لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وقمة شرق آسيا المنعقدتين في ماليزيا على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كان محور الاهتمام، حيث أبرم صفقات تجارية، والتقى عدداً من القادة.
كانت هذه أول زيارة لترامب إلى آسيا منذ توليه السلطة لولاية ثانية في يناير من هذا العام. وحتى الآن، تبدو ولايته الثانية بعيدة عن التوقع؛ إذ قلب الاستراتيجية الأميركية رأساً على عقب، وأعاد تعريف العلاقات، واستخدم التجارة أداة جيوسياسية للحصول على تنازلات من عدد من الدول حول العالم. ولهذا السبب، حظيت زيارته إلى قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بمتابعة دقيقة. فقد أبرم ترمب اتفاقيات للتعاون في مجال المعادن النادرة مع أربع دول من جنوب شرق آسيا في ظل بعض القيود الصينية على التجارة.
في الواقع، أعلنت الولايات المتحدة سلسلة من الاتفاقيات التجارية مع أربع دول، تضمنت صفقات للمعادن الحيوية مع تايلند وماليزيا، وسط تنافس متزايد مع بكين في هذا القطاع الحيوي. وفي إنجازٍ يُمثل نصراً للولايات المتحدة، وافقت ماليزيا على الامتناع عن حظر، أو فرض حصص على صادراتها من المعادن الحيوية أو العناصر الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة. كما أعلن الرئيس ترامب عن أطر عمل مفصلة من شأنها أن تفضي إلى اتفاقيات تجارية أوسع نطاقاً مع كمبوديا وتايلاند. وأعلن البيت الأبيض أنه تم بالفعل التوصل إلى اتفاق مع فيتنام يتيح للمصدرين في كلا البلدين وصولاً «غير مسبوق» إلى أسواق بعضهما.
قررت الولايات المتحدة أيضاً الإبقاء على معدل تعريفة جمركية بنسبة 19% على معظم صادرات ماليزيا وتايلاند وكمبوديا، مع الحفاظ على معدل 20% على الصادرات القادمة من فيتنام. وأعلنت تايلاند أيضاً أنها ستشتري 80 طائرة أميركية بقيمة إجمالية تبلغ 18.8 مليار دولار، بالإضافة إلى سلع طاقة، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال والنفط الخام، بقيمة سنوية تبلغ نحو 5.4 مليار دولار. كما وافقت تايلاند على إلغاء الحواجز الجمركية على نحو 99% من السلع، وتخفيف قيود الملكية الأجنبية في قطاع الاتصالات أمام الاستثمارات الأميركية.
قررت مجموعة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أيضاً توسيع نطاقها بانضمام دولة جديدة، واعترفت رسمياً بتيمور الشرقية عضواً رقم 11 في الرابطة. وصرح رئيس وزراء تيمور الشرقية «زانانا جوسماو»، بأن انضمام بلاده إلى الرابطة «تأكيدٌ قويٌّ» على مكانتها. وفي معرض تعليقه على هذا القرار، قال رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم: «إن انضمام تيمور الشرقية «يُكمل أسرة الآسيان، ويؤكد من جديد مصيرنا المشترك، وشعورنا العميق بالترابط الإقليمي». ومن أبرز أحداث القمة أيضاً توقيع اتفاق سلام كوالالمبور بين تايلاند وكمبوديا، بحضور الرئيس ترامب.
كانت هذه ربما واحدة من أكثر قمم الآسيان حيوية، وهي فعالية نصف سنوية تعقدها دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا، التي تضم: بروناي دار السلام، بورما، كمبوديا، إندونيسيا، لاوس، ماليزيا، الفلبين، سنغافورة، تايلند، وفيتنام. بالنسبة لدول جنوب شرق آسيا، أكدت زيارة الرئيس ترامب أيضاً على الأهمية المستمرة للمنطقة في حسابات الولايات المتحدة.
منذ توليه السلطة في ولايته الثانية، أحدث ترامب انقلاباً في السياسة الخارجية الأميركية، كاشفاً عن رئاسته التي أصبحت أكثر انخراطاً في المعاملات التجارية. كما أبرزت زيارته لماليزيا الضغوط التي تتعرض لها الدول الآسيوية في سعيها للتفاوض على صفقات تجارية مع الولايات المتحدة وحماية سلاسل التوريد الخاصة بها. وتتفاوض الولايات المتحدة أيضاً على اتفاقية تجارية مع الهند، لكن رئيس الوزراء ناريندرا مودي قرر عدم حضور قمة «الآسيان». وبدلاً من ذلك، مثّل وزير الخارجية «جايشانكار» الهند في قمة شرق آسيا، بينما شارك مودي افتراضياً في قمة الهند–الآسيان. وقد رحّب مودي بانضمام تيمور الشرقية كأحدث عضو في «آسيان»، وأشار إلى أن الهند و«آسيان» معاً تمثلان نحو ربع سكان العالم، مؤكداً أن الشراكة الاستراتيجية بين الهند والآسيان استمرت في الازدهار على الرغم من «فترة عدم اليقين» السائدة.

تُعدّ منطقة جنوب شرق آسيا منطقةً مهمة، فهي مركزٌ للتصنيع العالمي، وجزءٌ من سلاسل توريد العديد من السلع، مثل أشباه الموصلات والمركبات الكهربائية. وقد أبرزت قمة رابطة الآسيان هذه بوضوح أهمية جنوب شرق آسيا في ظل حالة عدم اليقين العالمية الكبيرة. وشهدت القمة أيضاً توقيع الصين اتفاقية تجارة حرة «مُحسّنة» مع رابطة الآسيان، أكبر شريك تجاري لها، بقيمة تجارية بلغت 771 مليار دولار في عام 2024. وأكد رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانج، استعداد بكين للعمل مع حكومات جنوب شرق آسيا «للقضاء على التدخل الخارجي، والتصدي المشترك للمخاطر والتحديات، وبناء مستقبلٍ مشرق للجميع».
وخلال زيارته إلى اليابان، لاقى الرئيس ترامب ترحيباً حاراً من رئيسة الوزراء اليابانية المنتخبة حديثاً، ساناي تاكايتشي، التي وصفت ترامب بأنه «شريك في عصر ذهبي جديد». ووقّع الزعيمان اتفاقيةً بشأن المعادن الأرضية النادرة، بالإضافة إلى وثيقة تُبشّر بـ«عصر ذهبي» جديد للعلاقات الأميركية اليابانية. وأعلن ترامب أيضاً أنه وافق على تسليم أول دفعة من الصواريخ الأميركية التي طال انتظارها لطائرات إف-35 المقاتلة إلى اليابان.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي



إقرأ المزيد