دورة جديدة من «منتدى دبي للمستقبل»
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

تنطلق اليوم الثلاثاء فعاليات الدورة الرابعة من «منتدى دبي للمستقبل» وتستمر لمدة يومين، في مشهد يعكس الرؤية الاستراتيجية الطموحة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تهدف إلى تحويل استشراف المستقبل من مجرد فكرة إلى ممارسة مؤسسية، تعزّز الابتكار والاستدامة في مختلف القطاعات الحيوية.

ويجمع المنتدى أكثر من 2500 خبير ومسؤول حكومي من نحو 100 دولة، في حوارٍ مفتوحٍ حول التحولات الكبرى في بنية المجتمعات والاقتصادات والأنظمة التقنية. ويناقش المشاركون هذه القضايا ضمن 5 محاور رئيسة: «استكشاف المجهول»، و«مستقبل المجتمعات»، و«مستقبل الصحة»، و«مستقبل الأنظمة»، و«نظرة مُتعمِّقة في المستقبل».
ويتميّز المنتدى بتنوّع المشاركين والرعاة، مما يعكس بوضوح فلسفة التكامل والشمول في صناعة المستقبل، وكذلك التنسيق الفعّال بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ويعبّر هذا الوضع عن القناعة الراسخة لدولة الإمارات بأن بناء المستقبل لا يقتصر على الجهود الحكومية وحدها، بل هو مشروع جماعي متكامل يشارك فيه الجميع، سعياً لتحقيق التقدم، والابتكار، والريادة في مختلف المجالات.
ومن المهم التأكيد في هذا السياق على حقيقة مهمة، مفادها أن هذا المنتدى يأتي امتداداً لمنظومة وطنية متكاملة من المبادرات التي رسّختها الإمارات لتأسيس وعي حضاريٍّ جديدٍ يتجاوز حدود التقنية إلى آفاق الفكر والإنسان، من بينها مختبرات دبي للمستقبل، والاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031، وحوارات الاستدامة، وغيرها من المنصات التي تُترجم توجُّه الإمارات إلى أن يكون التفكير بالمستقبل جزءاً من الهوية المؤسسية ومسار التنمية المستدامة.
وفي الواقع، فإن هذه الرؤية تمتد جذورها إلى فكر القائد المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي قال: «الأجيال القادمة ستعيش في عالم مختلف تماماً عن عالمنا، ومن واجبنا أن نُعدّ أنفسنا وأبناءنا لذلك العالم الجديد». وتتجسّد في هذا القول بصيرة سبقت زمنها، إذ أدرك الشيخ زايد أنّ بناء الدولة لا يتحقق إلا ببناء الإنسان القادر على العبور إلى الغد بعلمٍ وبصيرةٍ وثقة. 
والحاصل أن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، ممثّلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات، تسعى لجعل دولة الإمارات نموذجاً دائماً للتجدد والابتكار، واستناداً إلى هذه الرؤية العميقة، شرعت الإمارات في جعل العلم والتعليم والتخطيط الاستباقي أساس نهضتها، وغرس ثقافة الاستشراف في مؤسساتها، بوصفها أداةً فعّالة للإدارة الذكية والابتكار المتواصل. 
في إطار هذا التوجُّه المستقبلي الرصين والمتوازن، انتقلت دولة الإمارات من الاعتماد التقليدي على الموارد الطبيعية إلى الاستثمار المكثَّف في المعرفة، ومن اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد يرتكز على الإنسان والعقل المبدع والمبتكر. ويُجسِّد المنتدى هذا التحوّل من خلال نقاشاته العميقة والمثمرة، التي تضع الإنسان في قلب العملية التكنولوجية، وتبحث بشكل مستمر في كيفية تسخير الابتكار لخدمة رفاهية المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة. 
وتجدر الإشارة إلى أنه وعلى هامش المنتدى سيتم تنظيم مبادرة «حلول دبي للمستقبل - ابتكارات للبشرية» للعام 2025، التجمُّع العالمي الأكبر للمبتكرين والمواهب الأكاديمية، وسيتم عرض أفضل 100 مشروع مبتكر من بين أكثر من 3000 مشاركة من أكثر من 1200 جامعة في 120 دولة حول العالم. وفي ختام المبادرة، سيتم اختيار 5 مبتكرين وتكريمهم ودعمهم لتطوير أفكارهم وتطبيقها على أرض الواقع.
إنّ المنتدى، بما يتضمنه من رؤى ونقاشات، يُجسِّد روح الإمارات التي تسعى إلى تحقيق توازن خلاق بين الإنسان والتكنولوجيا، والإبداع والمسؤولية. فهو ليس احتفاء بالتقدم العلمي بقدر ما هو تجسيد لفكرٍ أخلاقيّ يؤمن بأنّ المعرفة لا تُقاس بالقدرة على الاختراع وحدها، بل بقدرتها على صون الإنسان وحفظ كرامته. وبهذا المعنى، تتحول دبي من مدينة تحتفي بالمستقبل إلى مدينة تصنعه، وعلى نحو يُبرهن على أن الأمم التي تمتلك القدرة على تخيّل المستقبل وصياغته هي وحدها القادرة على كتابته وقيادته.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. 



إقرأ المزيد