جريدة الإتحاد - 11/20/2025 8:17:09 PM - GMT (+4 )
عناوين كتب متوهِّجة خلسة، وبنظرة خاطفة، تجذبني بعض عناوين الكتب، لمن يقرأ كتاباً، وفي مقهى جالساً، أرتشف القهوة، وأتتبع عناوين الكتب المقروءة، وأتلذّذ بقراءة محتواها من محرِّك جوجل، أقرأ وجوه البشر من خلال رواياتهم وقراءتهم، وتجذبني أن أتمعّن في القرّاء، ليس بذواتهم، وإنما بكتبهم، وتشدُّني معالمهم العمرية، ورؤيتهم للحياة، من خلال عناوين الكتب، وكتّابها الملهمين لهم.
وأنا جالس بمقهى، ذات مرة، وجدت القارئ شاباً في مقتبل العمر، على غير العادة، يقرأ كتاباً عنوانه يُنم عن عالم الاقتصاد والتجارة، لم أكتفِ بعنوان الكتاب وما انتهى إليه القارئ الصغير، جلست بجانبه، فأثنيت عليه ثناءً جميلاً، لأنه يقرأ كتاباً بهذه الرؤية وهو لا يزال في بداياته. فسرد قصته ولعه بالتجارة، وأنها مراده في دراساته التعليمية، ولا بد أن يهيئ نفسه بشيءٍ من المعارف الثقافية، هدفه مهمّ لا شك.
وفي ترحال الطائرات، كثيراً ما تشدني قراءة القرّاء من حولي، وما يحملون من كتب إذا كانت رحلاتي طويلة، وعناوين الكتب شغف أتأمله، وألجأ إلى قراءة محتويات الروايات عبر روابط متقنة ومتخصصة بالأدب والثقافة. إنها روايات تلتحم بالصورة الُمثلى للحياة وشعوبها المختلفة ورؤاها الزمنية، وأحداث تمرّ بها، فترى القارئ يتجه نحو قراءة ما يمثله في حياة متجسّدة زمنياً في أحداثها المعاصرة. للحياة مؤشرات يتجه القارئ نحوها، فما يهز العالم من مؤثرات تجد لها صدى في روايات وكتب متقابلة لها، يتجه القارئ إليها.
ليس من المحتمل أن لكل مكان قراءةً تشبه الأخرى، ولا زماناً، إلا أنها صدف تجد عناوين القراءات تلتحم بالأمكنة في فضائها المتهيّئ لها. ففي فناء الحدائق تجد عناوين الكتب اجتماعية، تطل على من يقرأ، على أرائك تقابل زهو الزهور وزقزقة العصافير، وتجسّد الحب والشوق، وترى الغيوم تشرع بالرحيل. فقراءة القصص بالحدائق حتماً مختلفة للقارئ، ومؤجلة وممتعة، ربما تكتمل قراءة الكتب بعد حين.
أستحضر بعض الأمكنة الجميلة، المستوحاة من طبيعة تتوق لروّاد الأمكنة، للقراءة في سكونها المعتاد والمرتاد، بدءاً من سواحل البحر وما ينتمي لسحر المكان ودفء المعنى الكبير للقراءة، والممتثّل لجمال النفس وهدوئها. فالحياة لا تتحّد كما تتحّد مع القراءة المؤثّرة في فكر الإنسانية. فلمحة عناوين الكتب، وإنْ بدأت خلسةً، فهي مهمّة ثقافية أجدها في خضم البحث عن جديد. وفي طور هذا البحث، لم أجد عناوين لكتب متشابهة، يقرأها القرّاء، إلا أنها ذات اتساع فكري قيّم ومُلهم للبشرية.
فأتذكر عنوان رواية «خمسون من الظلال الرمادية»، قراءتها من جراء خضم العناوين صادفتها، وكتبت عنها ذات يوم، وتجسّدت هذه الرواية في فيلم سينمائي فيما بعد. إنها متعة في تتبّع جميل وباهر للقراءات في نسيجها الشاسع.
إقرأ المزيد


