«جحا» في كأس العرب
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

توسط «جحا» متخيلنا وتراثنا وحتى تقاليدنا العربية، وبكثير من الرمزيات التي دلت بالفعل على خصوبة وتنوع الينابيع الفكرية، غدا «جحا» قالباً من القوالب البارزة في الحكي العربي، برزت هذه الشخصية بقوة في السرد الأدبي والتراثي العربي، وتناقلتها الأجيال أدباً فريداً ومتفرداً.
ولأن «جحا» الحكيم والفيلسوف والساخر، عدد من تمثلاته ومن نوادره. فقد غدا لكل زمن «جحاه» الذي يسرد حقائقه وخيالاته بأسلوب فكاهي، يزرع الابتسامات وسط كومات من الآلام والأحزان.
والذي يأتي اليوم إلى كأس العرب في نسختها الحادية عشرة، تميمة وتعويذة ورمزاً، هو «جحا» المستعار من موروثنا الأدبي الرائع الذي خلدته الأزمنة في ذاكرة الإنسانية، «جحا» الذي بحكمته يفلسف أبعاد التجمع الكروي العربي، وقد غدا لحظة ملتقطة من زمن جديد لكأس العرب، زمن يعيد للكأس نظارتها وبهاءها، يضمن انتظامها في يومياتنا المرهقة، ويجعلها لحظة تحتفل فيها عروبتنا بروعة وجمالية اللقاء.
كانت كأس العرب منذ ميلادها سنة 1963، إسوة بالعديد من المبادرات التي أطلقت على زمانها، وكانت ترمى حينها إلى تقوية لحمتنا العربية، مناسبة تتعدد خلالها الرسائل، رسالة شباب عربي يتجمع تحت خيمة العروبة، كواحدة من التعبيرات الجميلة عن مشتركاتنا القوية التي تجمعنا من الخليج إلى المحيط، رسالة التعبير عن الإبداع ورسالة لمطاردة الأحلام، إلا أن هذه الكأس ما انتظمت أبداً في الزمان، مرة تشرق شمسها في ربوعنا، متنقلة بين بعض العواصم العربية، ومرات تختفي تحت غيمات عدم الاتفاق على التواريخ، بحكم تضارب الروزنامات بين عرب آسيا، وعرب أفريقيا.
ومع كثير من أبناء جيلي، قادة ورياضيين وإعلاميين، كان حزننا كبيراً على أن كأس العرب، وهو مناسبة للاحتفال بالنبوغ الكروي العربي، لا يقوى على ضبط إطلالاته، وكنت شخصياً من دعاة أن تحصل هذه الكأس برمزيتها وقيمها على الاعتراف الفعلي من الاتحاد الدولي لكرة القدم، فذاك بدا لي ولغيري، السبيل الوحيد لكي نجعل هذه الكأس حدثاً ينتظم في الزمان.
ويوم قررت الفيفا أن تجعل من النسخة العاشرة لكأس العرب، بروفة لتجريب ملاعب قطر المونديالية، أيقنا جميعاً، أن شرعية الاعتراف ستكون لكأس العرب أشبه بترياق الحياة، ونحن موعودون يوم الاثنين الأول من ديسمبر، مع انطلاقة النسخة الحادية عشرة، الثانية التي تستضيفها قطر من أصل أربع نسخ.
سيكون جميعنا على موعد مع القمة الكروية العربية التي سنعيش جميعاً فصول الإبداع والإمتاع فيها زماناً يحاكي مكاناً، ونجوماً تتطلع لبناء مستقبلها وتحقيق أحلامها.
قمة كروية سيجعل منها الجمهور العربي المتعانق في مدارج الخلود، لحظة ممتعة تنشر البهجة في الخيمة.
قمة سيرفع «جحا» الفيلسوف إلى العالم كله، توصياتها ومخرجاتها، وأول توصية تقول: «إن كأس العرب ولدت لكي تعيش».



إقرأ المزيد