الذكاء الاصطناعي البسيط يتفوق على النماذج المعقدة في محاكاة التغيرات المناخية
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

أظهرت أبحاث جديدة أن التغير الطبيعي في بيانات المناخ قد يجعل نماذج الذكاء الاصطناعي تواجه صعوبة في التنبؤ بدرجات الحرارة المحلية وكميات الأمطار.
ويستخدم علماء البيئة اليوم نماذج ذكاء اصطناعي ضخمة للتنبؤ بتغيرات الطقس والمناخ، لكن دراسة حديثة من باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT تشير إلى أن النماذج الأكبر ليست دائمًا الأفضل.
وأظهرت النتائج أن النماذج الأبسط المبنية على الفيزياء قادرة، في بعض سيناريوهات المناخ، على تقديم تنبؤات أدق من نماذج التعلم العميق المتقدمة.
كما كشفت التحليلات أن بعض تقنيات القياس الشائعة لتقييم طرق التعلم الآلي قد تتأثر بالتغيرات الطبيعية في البيانات، مثل تقلبات الطقس، مما قد يوهم البعض بأن نماذج التعلم العميق أكثر دقة، بينما الواقع مختلف.

طالع أيضا.. الذكاء الاصطناعي يوجه المسيرات رغم العوائق الطبيعية

محاكي المناخ
لتجاوز هذه المشكلة، طور الباحثون طريقة تقييم أكثر صلابة، أظهرت النتائج أن النماذج البسيطة أكثر دقة في تقدير درجات الحرارة السطحية الإقليمية، بينما تظل أساليب التعلم العميق الخيار الأفضل لتقدير الأمطار المحلية.
واستخدمت هذه النتائج لتعزيز أداة محاكاة تعرف باسم «محاكي المناخ»، والتي يمكنها بسرعة محاكاة تأثير النشاط البشري على المناخ المستقبلي.
ويصف الباحثون عملهم بأنه "درس تحذيري" حول مخاطر الاعتماد الكامل على النماذج الكبيرة للذكاء الاصطناعي في علوم المناخ. فرغم نجاح نماذج التعلم العميق المذهل في مجالات مثل معالجة اللغة الطبيعية، فإن علم المناخ قائم على قوانين فيزيائية مثبتة، والتحدي يكمن في دمج هذه القوانين ضمن نماذج الذكاء الاصطناعي.
تقول نويل سلين، أستاذة في MIT والمؤلفة الرئيسية للدراسة: «نسعى لتطوير نماذج تكون مفيدة وملائمة لما يحتاجه صانعو القرار عند وضع سياسات المناخ. ورغم جاذبية استخدام أحدث نماذج التعلم الآلي، تُظهر الدراسة أهمية العودة إلى أساسيات المشكلة والتفكير فيها بعمق».

قد يهمك أيضا.. تقنية ذكية لحماية محاصيل البطاطس في بريطانيا

مقارنة المحاكيات
نظرًا لتعقيد المناخ الأرضي، قد يستغرق تشغيل نموذج متطور للتنبؤ بتأثير التلوث على درجات الحرارة أسابيع على أقوى الحواسيب. لذلك، غالبًا ما يستخدم العلماء محاكيات مناخية، وهي نماذج أبسط وأسرع، تمكّن صانعي السياسات من تقدير تأثير انبعاثات الغازات الدفيئة على المستقبل.
ومع ذلك، تصبح المحاكيات محدودة الفائدة إذا كانت تنبؤاتها غير دقيقة فيما يخص التأثيرات المحلية لتغير المناخ. وعلى الرغم من الشعبية المتزايدة للتعلم العميق، لم تقارن الدراسات السابقة أداءه بالأساليب التقليدية المثبتة.
أجرى فريق MIT دراسة مقارنة بين تقنية Linear Pattern Scaling (LPS) التقليدية ونموذج تعلم عميق باستخدام بيانات معيارية لتقييم المحاكيات المناخية، وأظهرت النتائج تفوق LPS في معظم المعايير، بما في ذلك درجات الحرارة وهطول الأمطار.
يقول بيورن لوتجينس، أحد الباحثين: «طرق الذكاء الاصطناعي الكبيرة جذابة للعلماء، لكنها نادرًا ما تحل مشكلة جديدة بالكامل، لذلك من الضروري تجربة الحلول القائمة أولًا لمعرفة ما إذا كانت الطرق المعقدة تحقق تحسنًا حقيقيًا».

تعرف على.. الذكاء الاصطناعي يدخل غرف العمليات الجوية

تقييم جديد
وجد الباحثون أن التغير الطبيعي الكبير في بيانات المناخ يجعل نماذج التعلم العميق أقل كفاءة في التعامل مع تقلبات طويلة المدى، مثل ظاهرتي El Niño وLa Niña، مما يمنح تقنية LPS أفضلية لأنها تتعامل مع المتوسطات.
وعليه، طور الفريق تقييمًا جديدًا يأخذ التغير الطبيعي في الاعتبار، وأظهر أن التعلم العميق يتفوق قليلًا في تقدير الأمطار المحلية، بينما يظل LPS أدق في تقدير درجات الحرارة.
تقول نويل سلين: «من المهم اختيار الأداة الصحيحة للمشكلة، ولكن يجب أيضًا إعداد المشكلة بطريقة صحيحة منذ البداية».
وبناءً على هذه النتائج، دمج الباحثون LPS في منصة محاكاة لتقدير التغيرات المحلية في درجات الحرارة وفقًا لسيناريوهات الانبعاث المختلفة.
يضيف رافاييل فيراري، مؤلف مشارك: «لا نقترح أن يكون LPS دائمًا الحل الأمثل، فله حدوده، مثل عدم قدرته على التنبؤ بالتقلبات أو الظواهر الجوية القصوى».
ويأمل الفريق أن تبرز نتائجهم أهمية تطوير أساليب تقييم أفضل، ما يعطي صورة أوضح عن التقنية الأنسب لكل حالة.
ويختم بيورن لوتجينس: «مع معيار تقييم محسّن، يمكن استخدام أساليب تعلم آلي أكثر تعقيدًا لدراسة مشكلات صعبة مثل تأثير الهباء الجوي أو تقدير الهطول الشديد».
في النهاية، ستساعد هذه الأساليب المحدثة صانعي السياسات على اتخاذ قرارات مبنية على أفضل المعلومات المتاحة، ويأمل الباحثون أن يبني آخرون على هذه الدراسة لتحسين طرق المحاكاة المناخية والمعايير المستخدمة فيها.

أسامة عثمان (أبوظبي)

 



إقرأ المزيد