جريدة الإتحاد - 8/26/2025 11:45:46 PM - GMT (+4 )

تبرز الشراكة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية أنغولا بوصفها نموذجاً للعلاقات الثنائية الناجحة، التي تجمع بين الرؤى الاستراتيجية والمصالح المشتركة، ضمن توجه إماراتي سريع الخطى لتعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية.
والحاصل أن هذه العلاقات قد تميّزت بتطورها المستمر، وشمولها مجالات متعددة تمتد من التعاون السياسي والدبلوماسي، إلى الاستثمارات الاقتصادية والمبادرات التنموية والإنسانية، مدعومةً باتفاقيات تجارية واستثمارية وزيارات رفيعة المستوى، كان آخرها زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى أنغولا، يومي 24-25 أغسطس 2025، والتي سبقتها خمس قمم رسمية مع الرئيس الأنغولي جواو مانويل غونسالفس لورينسو في أبوظبي منذ عام 2017.
وتظهر النتائج المهمة للزيارة فيما أسفرت عنه من توسيع وتعميق للشراكة البينية، واتفاقيات اقتصادية، وتوافقات سياسية، وتفاهمات حول مستقبل العلاقات الثنائية، حيث تم تبادل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الدولتين، والتي وصفها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بأنها خطوة مهمة ضمن مسيرة تعزيز الشراكات الاستراتيجية لدولة الإمارات مع الدول الأفريقية، التي تشاركها رؤيتها للنمو الاقتصادي والاستدامة، وتعبّر عن النهج الثابت للإمارات في بناء الشراكات التنموية لتعزيز النمو الاقتصادي والازدهار للجميع، وخلق الفرص للأجيال القادمة، والإسهام في تحقيق الطموحات التنموية للشعوب.
وأُعلن كذلك عن عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مجالات متعددة، منها المشاورات السياسية والتعاون الدبلوماسي والسياحة والاستثمار والطاقة المتجددة والثقافة والتعليم والقوى العاملة والرياضة والصحة والعمل المناخي والتكنولوجيا وغيرها من المجالات التي تخدم التطلعات التنموية للدولتين.
وتجدر الإشارة إلى أن بدء العلاقات الدبلوماسية الإماراتية الأنغولية عام 1997، قد تم فتح الأبواب أمام تعاون ثابت ومُطَّرد. وفي السنوات الأولى، تمحور هذا التعاون حول المساعدات الإنسانية والتبادل الثقافي، لكنه سرعان ما امتد إلى الاقتصاد، مع تنامي اهتمام دولة الإمارات بتطوير التعاون مع الدول الأفريقية، ودعم شراكات واسعة ومتنوعة المجالات في القارة.
ومع توقيع اتفاقيات حماية الاستثمارات المتبادلة في 2017، تقدمت العلاقات الاقتصادية بين الدولتين باطراد، وهو ما يظهر في عدد كبير من المؤشرات. فقد بلغ حجم التجارة غير النفطية لدولة الإمارات مع جمهورية أنغولا 2.2 مليار دولار أميركي عام 2024 بنمو قدره 36.3% مقارنة مع عام 2019. ووصل حجم صادرات الإمارات إلى أنغولا عام 2023 ما يقارب 532.72 مليون دولار، بنمو سنوي قدره 23% منذ عام 2018. وتوزعت الاستثمارات الإماراتية في أنغولا على عدة قطاعات حيوية، من أبرزها قطاع الزراعة، وتخطط شركة «الظاهرة» الإماراتية لاستثمار أكثر من 100 مليون دولار في إدارة 10000 هكتار من الأراضي الزراعية، كما استثمرت شركة «مصدر» في إنشاء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 150 ميغاواط، لتوفير الكهرباء لحوالي 90000 منزل.
وفي قطاع الموانئ، وقّعت مجموعة «موانئ أبوظبي» اتفاقيةً مدتها 20 عاماً لتشغيل وتطوير محطة ميناء لواندا، مما يعزّز الربط البحري والتجاري لأنغولا مع الأسواق الدولية. كما أعلنت «دبي للاستثمار» في يناير 2024 عن إطلاق مشروع عمراني متكامل في لواندا يضم مكونات سكنية وتجارية وصناعية، باستثمار أولي يبلغ 150 مليون دولار، في حين تم توقيع مذكرة تفاهم مطلع عام 2025 بين «دبي للاستثمار» وشركة «إي 20 إنفستمنت» لتطوير 3750 هكتاراً، ضمن جهود دعم الأمن الغذائي والتوظيف المستدام.
وفي ظل تطورها المتواصل، يُنظر إلى آفاق العلاقات الإماراتية الأنغولية بتفاؤل كبير، وبخاصة في ضوء كثير من المؤشرات الإيجابية الحالية والتوجه المشترك نحو تعميق التعاون في القطاعات الاستراتيجية، لا سيما الطاقة المتجددة، والتعدين، واللوجستيات، والتقنيات الحديثة. وتشير التوقعات إلى أن اتفاقية التجارة الشاملة بين الدولتين ستسهم في زيارة حجم التجارة البينية غير النفطية إلى أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً بحلول عام 2033، وإضافة نحو مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لكليهما، على النحو الذي يُجسِّد قدرةَ دولة الإمارات على صياغة الشراكات التي تحقق الفوائد لكل أطرافها، وتُسهم في دعم التنمية والازدهار للدول والشعوب.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
إقرأ المزيد