مؤسسات التعليم العالي والتوظيف
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

عرفت البشرية مبدأ التعليم العالي من خلال الحضارات القديمة، وتحديداً الحضارة اليونانية التي نشرت ذلك المبدأ من خلال الأكاديميات والمدارس الفلسفية وأشهرها أكاديمية أفلاطون ومدرسة أرسطو ونظيراتهما في الحضارة المصرية القديمة وبقية الحضارات. ثم شهدت العصور الوسطى تأسيس (الجامعات) من خلال تشييد جامعة بولونيا في عام 1088 للميلاد.

ولكن قبل ذلك كان مبدأ الجامعات والتعليم العالي قد انتشر في العالم الإسلامي، وتحديداً لدى العرب الذين أسسوا جامعة الزيتونة في تونس عام 737، ثم جامعة القرويين في فاس بالمغرب عام 859. وعبر العصور كان للتعليم العالي رسالة واحدة، وهي ترسيخ التعليم والتعلم، والبحث والتطوير، والمشاركة المجتمعية، وذلك بهدف تعزيز نمو الأفراد وتطوير مهاراتهم الشخصية وإعدادهم وتأهيلهم لسوق العمل. وتؤكد منظمة الأمم المتحدة على ذلك بدعوتها مؤسسات التعليم العالي إلى القيام بإعداد موظفي المستقبل، وإجراء البحوث ذات المنفعة المجتمعية، والتفاعل مع المجتمع ومكوناته لبحث ومعالجة التحديات المحلية والإقليمية والدولية. أما منظمة اليونيسكو فهي تؤكد على الدور الفعال لمؤسسات التعليم العالي في توفير فرص التعلم لمختلف الشرائح السكانية، فضلاً عن تقوية التعلم مدى الحياة وتطوير مهارات وقدرات الأفراد.

وعلى مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تؤكد على دور مؤسسات التعليم العالي في تأهيل الكوادر الوطنية القادرة على المشاركة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز البحث العلمي ودعم الابتكار. وقد عملت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ومن قبلها وزارة التربية والتعليم، منذ تأسيس الدولة على ترسيخ مفاهيم التميز والجودة في التعليم العالي وترجمة ذلك على أرض الواقع من خلال الجامعات والكليات التي تركز على ذات الأهداف التاريخية، ألا وهي التعليم والتعلم، والبحث والتطوير، والمشاركة المجتمعية.

ونظراً للخصوصية التي يتمتع بها مجتمع الإمارات، فقد أضافت العديدُ من الجامعات والكليات هدفاً آخر هو الشراكة الاستراتيجية مع قطاعات سوق العمل المحلية، سواء الصناعية أو الاقتصادية أو التجارية أو المصرفية.. إلخ. وترمي الجامعات من وراء ذلك إلى التكيف مع متغيرات سوق العمل الإماراتي وإدامة طرح البرامج الأكاديمية التي تلبي احتياجات قطاعات العمل. وبالإمكان ملاحظة ذلك من خلال رسالة ومهام الجامعات وكلياتها على مستوى الدولة وأبرزها جامعة الإمارات العربية المتحدة وجامعة خليفة وجامعة الشارقة وجامعة أبوظبي وجامعة ليوا وغيرها من صروح التعليم العالي. والتساؤل المطروح هنا هو: هل من مهام مؤسسات التعليم العالي منذ القدم توظيفَ خريجيها أو تسخير جزء من جهودها في هذا المجال؟ والإجابة الملموسة على مستوى كافة جامعات وكليات العالم هي بالنفي.

فمؤسسات التعليم العالي يقف دورها عند تأهيل وإعداد وتزويد خريجيها بالمهارات والقدرات المطلوبة في سوق العمل ومعيار نجاحها هنا هو تميز إحداها عن الأخرى في تحقيق ذلك الهدف بالنظر إلى مدى انخراطها في رصد وتحليل واستشراف احتياجات سوق العمل. ولذلك فإن هناك حاجة لأن تقوم بعض الجهات في الدولة التي تبتعث المواطنين للدراسة في بعض الجامعات بإعادة النظر في الشروط التي تضعها وتربط من خلالها استمرار تلك البعثات بنجاح الجامعة أو الكلية في ضمان وظائف للخريجين في سوق العمل وذلك لأن هذا ليس من مهام الجامعات، لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل.

*باحث إماراتي
 



إقرأ المزيد