جريدة الإتحاد - 8/27/2025 12:23:31 AM - GMT (+4 )

تُعدّ القضية الفلسطينية واحدة، من أكثر القضايا تعقيداً في التاريخ المعاصر، حيث كانت ولا تزال محط جدل واسع، بين مختلف الأطراف السياسية والدولية. وتستند الأطروحات الإسرائيلية، المغالية والمتطرفة في مفهوم ما تدّعيه بـ«إسرائيل الكبرى»، وهي فكرة مخادعة تدعو إلى توسيع حدودها لتشمل أراضٍ فلسطينية وسورية ولبنانية، وغيرها.. لكن في ظل هذه الادعاءات، تجاهلت إسرائيل التاريخ الطويل للوجود الفلسطيني في المنطقة، الذي يمتد لآلاف السنين، وما يرافقه من محاولات مشروعة لتمسك الفلسطينيين بأرضهم وحقوقهم. فالقدس قضية جامعة، وعندما نرجع لحقائق التاريخ نجد أن القدس قد بناها اليبوسيون العرب في الألف الرابع قبل الميلاد و21 قرناً قبل سيدنا إبراهيم، كما أن سيدنا موسى ولد ونشأ في مصر ولم يرَ فلسطين، ونزلت عليه التوراة بالهيروغليفية وهو في مصر.
منذ 1967 إسرائيل قلبت الأرض وهي تبحث عن الهيكل، ولم تعثر على أي أثر يدل عليه! فهذا يفند بصورة قاطعة الادعاءات الإسرائيلية. وعندما نفند عوار فكرة «إسرائيل الكبرى»، فإنه من الواضح أنه ليس لدى إسرائيل ما يؤكد هذا الادعاء المصطنع، والفكر الذي يدعو إلى «إسرائيل الكبرى» يتعارض تماماً مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي وحقوق الإنسان. الفلسطينيون جزءٌ من تاريخ المنطقة منذ العصور القديمة.
فقد سكنوا أرض فلسطين منذ العصور الكنعانية قبل حوالي 3000 سنة، وهو ما يتوافق مع الاكتشافات الأثرية التي تثبت وجود حضارات فلسطينية قديمة. وعلى مر العصور، عاشت شعوب مختلفة في المنطقة من الفينيقيين إلى الرومان، لكن الشعب الفلسطيني بقي مستمراً في هذه الأرض بوجوده الثقافي واللغوي، بل وازدهرت مدنه مثل القدس والخليل وبيت لحم في فترات متعددة: تاريخ فلسطين الحديث يروي أيضاً، قصة مقاومة مستمرة منذ بداية القرن العشرين ضد محاولات الاستعمار والتوسع الإسرائيلي.
فقد بدأ الفلسطينيون في مقاومة الاستعمار البريطاني في مرحلة الانتداب البريطاني على فلسطين، مروراً بثورات متتالية ضد الاحتلال الإسرائيلي، مثل ثورة 1936-1939، التي كانت رداً على محاولات الاستيطان اليهودي في فلسطين. ثم تواصلت المقاومة في شكل انتفاضات ومظاهرات وحروب دفاعية ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948. هذه الحقائق تعكس إصرار الشعب الفلسطيني على الحفاظ على هويته وحقوقه الوطنية. الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني وفقاً للعديد من القرارات الدولية.
فقرار مجلس الأمن رقم 242 بعد حرب 1967 يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في تلك الحرب، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة. كما أن المجتمع الدولي يعتبر الاستيطان الإسرائيلي في هذه الأراضي غير شرعي، ويعطي الحق للفلسطينيين في الدفاع عن النفس، ضد قوى الاحتلال. لا يمكن إغفال الجوانب الثقافية واللغوية التي تُعزز الهوية الفلسطينية.
فالفلسطينيون لهم إرث ثقافي وتاريخ عريق، يمتدّ من الفلكلور والأدب الفلسطيني إلى التقاليد والعادات اليومية. إن العودة إلى جذور الشعب الفلسطيني في هذه الأرض لا تقتصر فقط على الجغرافيا، بل تشمل ارتباطهم العميق بالقدس والمسجد الأقصى الذي يمثل جزءاً أساسياً من هويتهم الدينية والثقافية منذ عقود.
كان الخيار الأكثر قبولاً من المجتمع الدولي لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي هو حل الدولتين، بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل على حدود 1967. وبالرغم من أن إسرائيل لم تلتزم بتنفيذ هذا الحل على أرض الواقع، فإن الشعب الفلسطيني ما زال يطالب بحقه في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. *سفير سابق
إقرأ المزيد