ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض "شهود الزور"
ايلاف -

إيلاف من بيروت: افتتح الفنان العراقي ضياء العزاوي معرضه الجديد بعنوان "شهود الزور" في صالة "صالح بركات" في العاصمة اللبنانية بيروت، مقدّمًا تجربة بصرية ضخمة تستحضر مشاهد الدمار التي حلّت بمدينتي الموصل العراقية وحلب السورية خلال العقد الأخير، من خلال لوحات ومنحوتات متعددة الوسائط والأحجام.

أعمال بحجم الكارثة

يمتد المعرض على مساحة كبيرة ويضم لوحات أكريليك ضخمة يتجاوز طول بعضها 10 أمتار، إلى جانب أعمال نحتية من البرونز والفولاذ المقاوم للصدأ. ويتوسط القاعة عمل تركيبي مصنوع من مادة "البوليستر ريزن"، يغطي مساحة 8 أمتار طولاً و6 أمتار عرضًا، يجسد من خلاله العزاوي مشاهد متخيلة لانهيارات عمرانية ورمزية في كل من الموصل وحلب، حيث تتقاطع البنى المعمارية المهدّمة مع تفاصيل إنسانية باهتة.

بيروت: مرآة لمسار طويل

بيروت لم تكن غريبة عن مسيرة العزاوي. فقد بدأ منها أولى تجاربه الخارجية عام 1966، عندما عرض في "غاليري ون" دون أن يتمكن من الحضور بسبب التحاقه حينها بالخدمة العسكرية في العراق. ومنذ ذلك الحين، توالت معارضه البيروتية في أعوام 1972، 1991، و1994، لتحتضن اليوم واحدًا من أضخم معارضه الفنية من حيث الحجم والمحتوى التعبيري.

الريشة كملاذ في المنفى

بعد مغادرته العراق نهائيًا في أيلول (سبتمبر) 1980، ظلت آثار الحروب والنكبات السياسية والاجتماعية في بلاده حاضرة في أعماله. تعكس لوحات العزاوي ما يصفه بأنه "تفكك للهوية الجمعية"، حيث تنبض الألوان بتوتر داخلي يعكس عمق الفقدان. وفي حديثه خلال افتتاح المعرض، قال: "لا يشعر بالشوق إلا من يكابده، ولا بألم الرحيل إلا من ترك الأهل والأرض مضطرًا، لا لجريمة، بل لواقع دفعنا للشتات".

موازاة فكرية عبر الكتاب

بالتوازي مع المعرض، أصدر العزاوي كتابًا بعنوان "لون يجمع البصر: نصوص وحوارات في الفن التشكيلي"، يتضمّن مقالات كتبها على مدى خمسة عقود، ولقاءات صحفية ناقشت رؤيته للعمل التشكيلي، وتطور علاقته بالخامة والفضاء، إضافة إلى تأملات حول دور الفنان في المجتمعات التي تعاني من الاضطراب والعنف.

يتناول الكتاب تحولات التقنية والموضوع في أعماله، ومقارنات بين تجارب فنية عربية وعالمية، فضلًا عن مقاربات حول العلاقة بين النحت والتصميم الغرافيكي في أعماله الأخيرة.

وفي أحد نصوص الكتاب، يوضح العزاوي رؤيته بقوله:

"أي مجتمع بعيد عن الفن والثقافة – وهما الزاد الروحي للإنسان الحديث – ما هو إلا مجتمع مُهمّش، يعيش داخل شرنقة المظهر المادي. الفن الحقيقي ينبغي أن يكون ملتزمًا بالطموح المستقبلي الذي يشير إليه، لا بالمساحة الحاضرة التي يتبوأها."



إقرأ المزيد