المواقع الإلكترونية المزيفة.. انتهاك للخصوصية وسرقة للبيانات
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

تتنوّع أساليب الاحتيال الإلكتروني وتختلف أشكالها باختلاف الوسائل والتقنيات المستخدمة، إذ يستغل المحتالون المواقع الإلكترونية المزيفة لتضليل المستخدمين، وكذلك يستغلون المنصات الشهيرة لنشر إعلاناتهم المشبوهة والوصول إلى بيانات المستخدمين، مستعينين في ذلك بتقنيات الذكاء الاصطناعي، ومع تطوّر التطبيقات الذكية وانتشارها الواسع، أصبحت عملية إنشاء المواقع الاحتيالية أكثر سهولة وسرعة، مما يساعد على ترويج البرامج الخبيثة والروابط المزيفة التي توهم المستخدمين بفرص مالية مربحة أو عروض تسويقية جذابة.
ومع تسارع الهجمات الإلكترونية وتزايد الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يتعرّض المستخدمون لعمليات نصب واحتيال إلكتروني متزايدة تعتمد على نشر البرمجيات الخبيثة والتصيّد الإلكتروني إضافة إلى برامج الفدية والتجسس الرقمي، وتؤدي هذه الهجمات الخبيثة إلى خسائر مالية كبيرة لدى الأفراد والشركات على السواء، وتسببت في اضطرابات ملحوظة في حركة التداول المالي.
وتتنوع صور الاحتيال الإلكتروني عبر المواقع المزيفة، ومن أبرزها الاحتيال عبر الروابط المضلِّلة والإعلانات الضارة. إذ يقوم المحتالون بتطوير أساليبهم باستمرار، فقد تصل للمستخدم رسالة إلكترونية من شخصية وهمية تحتوي على رابط لموقع إلكتروني مزيف يُشبه في تصميمه واسمه مواقع معروفة، وذلك لإيهام المستخدم بموثوقيته، كما يعمد بعض المحتالين المحترفين إلى تصميم مواقع مطابقة للصفحات الرسمية تطلب من المستخدم إدخال كلمة المرور أو البيانات الشخصية، مما يمكّنهم من السيطرة على الحسابات والأجهزة الخاصة بالمستخدمين وسرقة معلوماتهم.
ولا تقتصر هذه الممارسات على الأفراد فحسب، بل تستهدف أيضاً الشركات والمؤسسات، لا سيما مع تطور أساليب الاحتيال الرقمي، وتشير التقارير إلى أن مئات الآلاف من الأشخاص سنوياً يقعون ضحية لهذه العمليات نتيجة مشاركة بيانات بطاقاتهم البنكية أو معلوماتهم الحساسة عبر شبكات من المتاجر الإلكترونية المزيفة، ويُقدّر الخبراء أن عشرات الآلاف من هذه المواقع تدشن سنوياً في إطار عمليات احتيالية منظمة وذكية تقنيًا، حيث يُنشئ المبرمجون متاجر إلكترونية مزيفة تروّج لمنتجات بأسعار مغرية من علامات تجارية مشهورة، بهدف إغراء المتسوقين ودفعهم للتفريط بأموالهم وبياناتهم الشخصية.
وغالباً ما تكون هذه المواقع منفصلة تماماً عن العلامات التجارية الأصلية التي تدّعي بيع منتجاتها، وفي كثير من الأحيان لا تبيع أي سلع حقيقية، إذ يقوم ملايين المستخدمين سنوياً بمشاركة تفاصيل بطاقاتهم الائتمانية بما في ذلك رموز الأمان، بالإضافة إلى أسمائهم وأرقام هواتفهم وبريدهم الإلكتروني وعناوينهم، لتقع جميعها في أيدي شبكات إجرامية منظمة تستغل هذه البيانات لاحقاً في عمليات تصيّد وهجمات رقمية متقدمة.
وتزداد شراسة هذه الهجمات خلال فترات المواسم والعروض الترويجية مثل الأعياد، وبداية العام الجديد، ومهرجانات التسوق مثل الجمعة السوداء والبيضاء، حيث تكثر العروض وتضعف قدرة المستهلكين على التمييز بين المواقع الحقيقية والمزيفة، مما يسهل وقوعهم في فخ الاحتيال. وغالباً ما تستغل هذه المواقع العواطف الإنسانية عبر نشر روابط تبرعات أو مساعدات مزيفة، أو عروض خصومات غير منطقية تستدرج المستخدمين للنقر والتفاعل.
وفي كثير من الأحيان، تطلب هذه الروابط من المستخدم تسجيل الدخول عبر صفحة مطابقة للموقع الأصلي، فيُخدع الشخص بإدخال بياناته التي تُرسل مباشرة إلى المحتالين، وللوقاية من ذلك، يجب اتباع إجراءات حماية أساسية تشمل تغيير كلمات المرور بشكل دوري، وضمان عدم تكرارها بين المواقع المختلفة، وتأمين البطاقات البنكية، وتجنّب الإعلانات البراقة وغير الموثوقة التي تروّج لعروض وهمية، إذ يمكن أن يتم سرقة بيانات البطاقة أو المعلومات الشخصية بمجرد الانتقال إلى صفحة الدفع.
لذلك، من الضروري توخّي الحذر والتحقق من موثوقية المواقع قبل استخدامها، والتأكد من صحة العروض والشراء فقط من المنصات الرسمية والمعروفة، مع تجنّب النقر على الروابط العشوائية، كما أن عمليات النصب لا تقتصر على الأفراد، بل تطال أيضاً الشركات التي قد تتكبد خسائر مالية جسيمة نتيجة غياب التدقيق الإداري والأمني في معاملاتها. ومن هنا تبرز أهمية وعي المستهلكين باعتباره خط الدفاع الأول، وأهمية حملات التوعية الرقمية التي تساهم في الحد من الوقوع ضحية الإعلانات المضللة والممارسات الاحتيالية المنتشرة عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الختام، فإن الوعي بالمخاطر الرقمية واتخاذ الحيطة والحذر يشكلان عاملين أساسيين لحماية المستهلكين وأموالهم من الأنشطة غير المشروعة. كما ينبغي على المستخدمين التحقق من مصداقية الإعلانات والمنتجات والخدمات قبل التعامل معها، وتجنّب تقديم أي معلومات شخصية أو مالية عبر قنوات غير موثوقة، مع قراءة شروط الصفقات بدقة قبل إتمام عمليات الشراء أو الدفع.
*رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات.



إقرأ المزيد