الإمارات.. القمّة التي لا تُطال
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

 لم يعد ما يحدث على منصات التواصل الاجتماعي مجرد جدال عابر أو اختلاف في وجهات النظر، بل تحوّل إلى حملة ممنهجة تستهدف دولة الإمارات العربية المتحدة ودورها الإقليمي والدولي. المؤسف أن هذا الهجوم يأتي من بعض الدول التي وقفت الإمارات إلى جانبها يوم احتاجت إليها، وقدّمت لها الدعم في أوقات الشدة والمحن، وساندتها بصدق النوايا ونقاء الموقف، فإذا بها اليوم تردّ الجميل بحملات تشويهٍ تقودها حسابات مأجورة وأقلامٌ ملوّثة تهاجم الإمارات دون حق أو منطق أو ضمير.
 هذا الهجوم ليس سياسياً في جوهره، ولا يعبّر عن موقف موضوعي أو خلاف مبدئي.

الإمارات تتقدّم بخطى ثابتة في كل مجال من مجالات الحياة. في الاقتصاد هي في الصدارة، في التنمية والابتكار هي القدوة، في السياسة صوتها مسموع ومحترم، وفي الإنسانية حضورها صادق وعميق. وحين يعجز البعض عن مجاراتها في الميدان، يختارون مهاجمتها من خلف الشاشات، لأن الكلمة عند العاجز هي سلاحه الأخير، ولأن الحقد حين يعجز عن اللحاق يبدأ بتشويه من يتقدّمه.

ما يؤلم أكثر هو أن بعض هذه الحملات تأتي من حسابات تحمل أسماءً عربية، وكأنها تتلذّذ بالإساءة إلى وطنٍ عربيٍّ لم يعرف في تاريخه إلا المواقف النبيلة تجاه الجميع. بعضهم يكتب بلسان مسموم، وبعضهم مدفوع من جهاتٍ تستثمر في الكراهية، وآخرون ينساقون دون وعي وراء رواياتٍ مغلوطة أو إشاعاتٍ خبيثة، لا لشيء إلا لأنهم يرون في الإمارات مرآةً تذكّرهم بما لم يحقّقوه، وبما فشلوا في بنائه.لكن الإمارات لا تردّ على الصغائر، ولا تنحدر إلى مستوى السفهاء، فهي دولة تعرف قيمتها وتدرك مكانتها وتؤمن أن التاريخ لا يكتبه المهاجمون بل المنجزون.

الدولة التي غيّرت وجه المنطقة بالعمل والعقل والاحترام، لن تعطي من يهاجمها شرف الردّ، لأنها مشغولة ببناء المستقبل لا بالرد على ضجيج الحاقدين. ومع ذلك، نحن كمواطنين لا يمكننا السكوت حين تُمسّ سمعة وطننا. نحن الذين نشأنا على حبّ هذا التراب، وعايشنا نهضته، نعرف كم هو ثمين هذا الوطن وكم بذلت قيادته من أجل أن نحيا بكرامة واعتزاز، ولذلك فإن الدفاع عن الإمارات واجبٌ أخلاقي قبل أن يكون موقفاً سياسياً.الإمارات لا تُقاس بأقوال الآخرين عنها، بل بما حققته هي على أرض الواقع.

حين تصل المساعدات الإماراتية إلى أبعد قرية في أفريقيا، وحين ترى أعلامها ترفرف في بعثات السلام، وحين تسمع اسمها يُذكر في المؤتمرات الاقتصادية كقوة مؤثرة، تدرك أن من يهاجمها لا يفعل إلا لأنه يعجز عن أن يكون مثلها. هذا الهجوم ليس إلا اعترافاً غير معلن بالتفوّق الإماراتي، فالشجرة المثمرة وحدها تُرمى بالحجارة، وكلما اشتد الهجوم عليها، زادت يقيناً بأن طريقها هو الصحيح.

الإمارات دولةً تحترم نفسها وتحترم غيرها، تبني ولا تهدم، تصنع الأمل ولا تبثّ الكراهية، تمدّ يدها بالعون ولا ترفعها بالعداء. ستبقى شامخةً كما اعتدناها، فوق الأقاويل، بعيدةً عن المهاترات، لأنها تعرف أن الردّ الحقيقي لا يكون بالكلمات بل بالإنجازات. أما نحن، أبناء هذا الوطن، فسنظلّ نرفع رؤوسنا عالياً ونقول لكل من يحاول الإساءة: هذه هي الإمارات، دولةٌ لا تتأثر بالصراخ، بل تزداد قوةً كلما حاولتم إضعافها، لأن من كان في القمة لا يلتفت إلى من يقف في أسفل الجبل يرشق بالحجارة.
ستبقى الإمارات رمز الحضارة والاحترام، نموذجاً يُحتذى به في الإنسانية والتسامح، ووطناً نفاخر به العالم. ومن يهاجمها اليوم سيكتشف غداً أن التاريخ لا يحفظ أسماء من أساؤوا، بل أسماء من بنوا، وأن الإمارات ستظلّ في الصدارة، لأنها ببساطة خُلقت لتكون في القمة، ولأن القمة لا تُهاجم إلا حين يعجز الآخرون عن الوصول إليها.


*لواء ركن طيار متقاعد



إقرأ المزيد