جريدة الإتحاد - 11/9/2025 11:53:33 PM - GMT (+4 )
واصل دولة الإمارات العربية المتحدة ريادتها في مجال العمل البيئي، من خلال جهود علمية وتطبيقية ترمي لحماية التنوع البيولوجي والمحافظة على البيئة والموائل الطبيعية، ومن بين أحدث هذه المبادرات والمشاريع البيئية تبرز الاتفاقية التي أبرمتها هيئة البيئة- أبوظبي مع شركة الإمارات للطاقة النووية لاستزراع 500 ألف من الشعاب المرجانية في محيط محطات براكة للطاقة النووية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي.يأتي هذا المشروع في إطار مبادرة سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثِّل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة- أبوظبي، لاستزراع أربعة ملايين مستعمرة مرجانية بحلول عام 2030، عبر إنشاء حاضنات لزراعة أنواع قادرة على تحمُّل درجات الحرارة المرتفعة، من أجل المحافظة على النُظم البيئية البحرية في إمارة أبوظبي.
وتقول الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة- أبوظبي، إنّ هذا المشروع يمثِّل خطوة مهمة ضمن جهود الإمارة لحماية النظم البيئية البحرية، ودعم المبادرات الإقليمية والعالمية للحفاظ على الشعاب المرجانية.
وتتمتع الشعاب المرجانية بأهمية كبيرة من الناحيتين البيئية والاقتصادية، إذ تُعد موطناً لأكثر من 25% من جميع أشكال الحياة البحرية، كما أنها تسهم في حماية السواحل من التآكل والعواصف، إضافة إلى أنها توفر مصادر غذائية ودوائية، كما تُعد الشعاب المرجانية مهمة جداً في دعم المخزون السمكي، لأنها تمثل موائل طبيعية لأنواع مختلفة منها.
وفي الوقت الذي تشهد فيه العديد من السواحل حول العالم تدهوراً في الشعاب المرجانية بسبب عوامل عدة على رأسها الأنشطة البشرية، تُعَدُّ هيئة البيئة- أبوظبي من الجهات الرائدة في المنطقة والعالم في مجال استعادة الشعاب المرجانية، حيث نجحت في استزراع أكثر من مليون و450 ألف مستعمرة ضمن مشروع إعادة التأهيل الأكبر من نوعه في المنطقة، من خلال تطوير تقنيات حديثة للحاضنات المرجانية، واستخدام أساليب مبتكَرة لتعزيز قدرة المرجان على مقاومة تغيُّر المناخ وارتفاع درجات الحرارة، وقد حقَّق المشروع نجاحاً كبيراً، حيث بلغت نسبة نجاح بقاء المرجان المستزرع 95% بعد مواسم الصيف، كما سُجِّلَت زيادة في الكتلة الحيوية للأسماك بنسبة 50%.
وتتدرج هيئة البيئة- أبوظبي في تنفيذ مشاريع استعادة المرجان في مراحل عدة تبدأ بعملية تقييم الموائل الطبيعية، واختيار مواقع للحضانات وفقاً لمعايير جودة المياه والأعماق ودرجات الحرارة، ثم إنشاء الحاضنات تحت الماء ورعايتها، ليتم بعد ذلك حصاد مخزونها، ونقله إلى مواقع إعادة التأهيل لاستعادة النظام المرجانية.
وفي الواقع، فإن هيئة البيئة- أبوظبي قد دأبت منذ انطلاقها عام 1996 على إطلاق المبادرات والبرامج الهادفة لحماية البيئة والتنوع البيولوجي وتعزيز الحياة الفطرية، حتى أصبحت إحدى أهم المؤسسات البيئية المتخصصة على مستوى الشرق الأوسط، التي لا يقتصر تركيزها على إمارة أبوظبي، بل يمتد نشاطها إلى المستويين الإقليمي والدولي، ومن بين الأنشطة البحثية الدولية للهيئة، سفينة الأبحاث البحرية «جيوَن»، التي تم تطويرها مطلع عام 2023، لتصبح الأكثر تقدماً في مجال الأبحاث البحرية على مستوى الشرق الأوسط، بالنظر إلى ما تحويه من تقنيات وبرامج مراقبة للبيئات البحرية.
ومن الجدير بالذكر أن وزارة التغير المناخي والبيئة، لديها أيضاً العديد من البرامج والمبادرات لتثبيت واستزراع الشعاب المرجانية بالدولة بالتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة في كل إمارة، من أبرزها مشروع بحثي لاستزراع 24 نوعاً من المرجان في سواحل الدولة، حيث أعدت الوزارة خريطة للتوزيع الجغرافي للشعاب المرجانية على طول الشريط الساحلي للدولة، تم من خلالها رصد 210 مواقع لتواجد الشعاب المرجانية.
لقد ارتكزت رؤية دولة الإمارات منذ نشأتها على نهج يتبنّى أفضل السبل والممارسات التي تحافظ على التنوع البيولوجي والبيئة البحرية على وجه الخصوص، انطلاقاً من مبادئ علمية رصينة، ويأتي مشروع إعادة تأهيل الشعاب المرجانية في أبوظبي ليؤكد حرص الإمارات على مواصلة هذه المسيرة، وعلى مكانة أبوظبي كإحدى العواصم العالمية في مجال حماية البيئة البحرية.
* صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
إقرأ المزيد


