كثيرون يعرفون كهوف الشيطان
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

- في وقت الرماد تكثر الأسئلة وتقل الأجوبة، رغم أن الحقيقة جليّة بالأرقام والإحصائيات، ومفندة كل الافتراءات والفبركات، لكنه عمى القلوب، لا العيون. اليوم معروف من يقف وراء السعار ضد الإمارات، بالصوت والصورة والخلفية والسيولة البنكية، أعدادهم وجنسياتهم وحساباتهم الوهمية، لكن الإمارات تفعل ولا ترد، تخدم ولا تعد، تمضي كل يوم قُدماً وعلواً، وهذا يكفي ويسد!
- لِمَ العالم اليوم أصبح أكثر حساسية، وأقل شفافية؟ أقل الأشياء يمكن أن تشعل الفتيل بين الدول، وأعظم الأشياء يمكن أن تكون مختبئة تحت الرماد حتى يأتي من يوقظها، غلام مغتر، زعيم جاهل، امرأة بين الحقد والغرور، أو واحد من أصحاب رايات الفتن أو جماعة تتوعد بالنار قبل الجنة للمجتمعات!
- لِمَ غاب الرقي من العالم؟ رغم تحضر مدنه، وتطور الإنسان فيه، والبعد عن سكن كهوف الغاب وشريعته، ورغم ذلك كله، أصبحت الشوارع ولغتها تحكم، وتفرض حضورها في المشهد السياسي والثقافي والمحافل العالمية والقواميس اللغوية، لقد عاد إنسان العصر إلى الغاب، لكنه كسا عريه الجسدي فقط!
- لِمَ العالم بعدما أصبح قرية صغيرة، وأصبح أكثر من هاتف في كل يد، زاد البعد بين الناس، وقل التواصل الاجتماعي بينهم، واكتفوا بالتراسل والتواصل عن بعد، فأصبح البعيد قريباً، والقريب بعيداً؟!
- لِمَ حضر الحديث عن «الدين» و«التدين» بقوة خلال السنوات المنصرمة في المجتمعات، وكثرت معه مشكلاتها، واحتدت خلافاتها، وكثر أعداؤها، وأصبحت كالقوس مشدودة، أي ناعق يمكن أن يتسبب في إسالة دماء مقدسة، ويمكن لوجوه مضللة أن تتسيد في هذا الحضور؟!
- هل يمكن أن تحيا نظرية المؤامرة في العالم من جديد، بعد هذا التعارك، ولا مستفيد ظاهر، وهذا التصادم، ولا مصلحة لأحد بائنة، وهذا التوتر، والإرهاب والفزع العالمي، ولا شعب وحيداً تعجبه هذه النيران، ويطرب لاشتعالها، ويحب أن يتفرج؟!
- لِمَ كثرت في المجتمعات العربية في هذا العصر «الكلاب المسعورة»، والتي تنبح لنبرة الجهل، ونبرة نكران الجميل، ونبرة «التعالي على الفاضي»، ونبرة التنابز بالألقاب، وغابت الحقائق، وعميت القلوب والأبصار عن كلمة شكراً؟!
- لِمَ قل الحكماء، وخفّ المتبصرون، وأولو الألباب عند بعض الشعوب، ورغم ذلك يريدون أن يزاحموا الآخرين، ويريدون أن يتسيدوا الأمكنة، ويريدون القوة، ويدعون المعرفة، لكنهم لا يعترفون بحقيقة واحدة، هي غياب الحكمة؟!
- لِمَ لا يريد الكثير من الناس النجاح للآخر، ولا يتمنونه له، ويفرحون بالفشل له، ويشيعونه؟! هل لأنهم عاجزون عن النجاح، متكاسلون في طلب العلا، أم أن نجاح الآخرين هو تحطيم لآمالهم الكاذبة، وأوهامهم الكبيرة؟ هذه حال الكثير من الأفراد، والأوطان.
- لِمَ كثر في العالم التقاتل على توافه الأمور، وقلّ القتال من أجل قيم سامية ونبيلة فيه؟! يمكن للناس أن يتقاتلوا من أجل كذبة أو بسبب كذبة، ولا يقاتلون من أجل إحياء الصدق وإظهار الحقيقة.. كثيرون من الناس لا يعرفون أين يقف الشيطان، لكنهم يعرفون كهوفه!



إقرأ المزيد