تتقدم الدول وترتقي بالنشر كوعاء للفكر والمعرفة والعلم والتقدم التكنولوجي، فصناعة النشر محرك أساسي لثورة المعرفة التي تنتقل بين الأجيال والعصور، إذ تتطور باستمرار عبر الأزمان من الحضارات القديمة حتى عصرنا الذكي، وأصبحت معارض الكتاب منصات ثقافية للاحتفاء بالكلمة والفكر ونشر المعرفة بين أرجاء المجتمع.

ويُسهم معرض الشارقة الدولي للكتاب، في تعزيز القيم المعرفية في المجتمع الإماراتي، والمجتمعات العربية برمتها، بما يقدمه من معرفة تواكب تطورات العصر في المجالات المختلفة، لتبني عقول القراء وتُثري ثقافتهم وتطلعهم على العالم بإصدارات رصينة. ويسعى الناشرون من كل أصقاع العالم للمشاركة في هذا المحفل الثقافي، انطلاقاً من أن المعرفة ركيزة أساسية في بناء وعي الإنسان والمجتمعات، وتمكين أفراد المجتمع من الوصول إليها، باعتبارها خطوة مهمة في التنمية المستدامة.

إن النشر فَنٌّ لتوثيق المعرفة ونشرها بما يواكب العصر ومتطلباته وتفضيلاته، ولا يزال للكتاب الورقي/ الإلكتروني مرجعاً أساسياً في حياتنا، حتى مع سهولة الوصول إلى المعلومات في العصر الرقمي للوثوق في المعلومات، في وقت يتسارع فيه انتشار المعلومات المغلوطة. وسيظل الإنسان طوال مسيرته على كوكبنا العامر يبحث عن المعرفة، وهو ما آمنت به دولة الإمارات عبر مؤسساتها الثقافية والتعليمية لبناء مجتمع مزدهر.

ولطبيعة إصداراتنا العلمية الرصينة التي تسعى إلى إثراء المشهد الثقافي الإقليمي والعالمي بإصدارات بحثية مميزة، حصد مركز «تريندز» للبحوث والاستشارات، في معرض الشارقة الدولي للكتاب في نسخته الـ44، جائزة أفضل كتاب إماراتي في مجال الدراسات، عن كتابه «عصر اللؤلؤ من الفقر إلى الازدهار.. رحلة دولة الإمارات العربية المتحدة من عصر ما قبل اللؤلؤ إلى عالم ما بعد النفط».

وقد وثقنا في الكتاب الدورات التاريخية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بدءًا من مرحلة اعتمادها على اللؤلؤ كمورد اقتصادي رئيسي، إلى اكتشاف النفط وبناء الدولة الحديثة، وكيفية مواجهة تحديات المستقبل، وقيم الشخصية الخليجية في هذه العصور المختلفة.

وقد حظي «تريندز» بتكريم معرض الشارقة باعتباره شريكاً بحثياً، اعترافاً بالجهد العلمي والمعرفي للنهوض بالحركة الثقافية على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، وتتويجاً لجهد مُضْنٍ في دعم الثقافة وتعزيز ثقافة البحث العلمي والتحليل الموضوعي والاستشراف المستقبلي. إن مثل هذا التكريم من معارض مرموقة -كمعرض الشارقة- يعني التزام المركز باستكمال مسيرة دوره كمنصة رائدة في نشر الفكر المستنير والبحوث العلمية وإثراء المكتبة العربية والعالمية بأعمال قيمة.

ولقد اختار معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 هذا العام شعار «بينك وبين الكتاب»، تعبيراً عن فضل الكتاب كخير جليس يُثري عقولنا. ويحظى المعرض بمشاركة واسعة من دور النشر والمفكرين والكُتّاب من كافة دول العالم.

وجديرٌ بالذكر أن الكتب المعروضة، منها نحو 500 إصدار علمي لمركز «تريندز»، تتنوع بين الكتب والتراجم والبحوث والدراسات في مجالات الاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والتنمية المستدامة والسياسة الخارجية والعلاقات الدولية، إلى جانب الإسلام السياسي والمناخ والبيئة والصحة، مع توقيع نحو 17 كتاباً جديداً لأول مرة في معرض الشارقة من إصدارات المركز، وكل ذلك لدعم ثقافة البحث العلمي ووصول الدراسات والبحوث إلى كل أرجاء المجتمع.

إن معرض الشارقة الدولي للكتاب محفل ثقافي وفكري يُشار له بالبنان في منطقة الشرق الأوسط، وجسر للتفاعل المباشر بين الكتاب والمواطن، إذ يتضمن نقاشات تثري الفكر عبر جلسات الحوار والحلقات النقاشية وورش العمل التي تركز على قضايا عالم اليوم: الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والجماعات الإرهابية والاستدامة، وكل ما يُسهم في نشر الوعي بقضايانا، ويُبرز التحديات وكيفية التغلب عليها بإدراك واعٍ ومعرفة موثوقة.

إن شراكة مركز «تريندز» لمعرض الشارقة للكتاب تفتح الآفاق للتعاون والشراكة المستدامة مع المؤسسات الفكرية والمعرفية والثقافية الإماراتية والعالمية، وتدعم مجتمع المعرفة الإماراتي، وتُعزز البيئة الثقافية في الدولة عبر القراءة والفهم العميق لحال اليوم وشكل المستقبل.

*باحثة- مديرة إدارة المعارض والتوزيع- مركز تريندز للبحوث والاستشارات.