«قمة الـ77»: عدالة أكثر شمولية
صحيفة الخليج -

كتب - المحرر السياسي:

كانت قمة مجموعة الـ 77 زائد الصين، التي انعقدت في هافانا بكوبا في الفترة من 15 إلى 16 سبتمبر/ أيلول، بمنزلة تقارب ملحوظ بين زعماء الاقتصادات الناشئة. ومثّل هذا التجمع المهم 80% من سكان العالم، وكان لحظة محورية في النضال المستمر من أجل العدالة الاقتصادية العالمية والشمولية.

في كلمته أمام القمة، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس: إن العالم يخذل البلدان النامية، وإن هذه البلدان «عالقة في مجموعة متشابكة من الأزمات العالمية»، في إشارة إلى تغير المناخ والديون الخارجية. وحث الصين ومجموعة الـ77 على العمل معاً لخلق عالم أكثر عدلاً.

وفي الواقع، يدرك غوتيريس أن مجموعة الـ«77 + الصين»، برزت كبارقة أمل للجنوب العالمي في وقت تتزايد فيه معارضة تعددية الأقطاب والتعاون الدولي وتعزيز العدالة التنموية.

مجموعة من الصعوبات

وفي البيئة العالمية المعقدة التي نعيشها اليوم، تواجه الدول النامية، مجموعة متنوعة من الصعوبات. وتشمل هذه القضايا النمو الاقتصادي البطيء، والديون المرتفعة، والاضطرابات والتوترات الجيوسياسية، والتدهور البيئي. وتعاونت الصين والدول النامية لحماية مصالحها المشروعة، وتعزيز التنمية المستدامة في مواجهة هذه العقبات الهائلة.

وقال لي شي، عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، خلال القمة، إن بكين مستعدة للعمل مع أعضاء مجموعة الـ77 لتعميق التعاون فيما بين بلدان الجنوب ومبادرة الحزام والطريق، إضافة إلى دعم مبادرة التنمية العالمية؛ لتحقيق هدف أكبر وتضامن أقوى.وأشار إلى أنه خلال قمة البريكس التي عقدت في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا الشهر الماضي، أرسلت أكثر من 60 دولة نامية، رسالة عالية وواضحة للتضامن والتعاون إلى العالم، داعية إلى إصلاح الحوكمة العالمية من أجل تحقيق المزيد من التقدم. وجعلها أكثر عدلاً وإنصافاً. ونظراً لهذه الخلفية، فإن قمة هافانا تأتي في الوقت المناسب تماماً.

تغيير قواعد اللعبة

وتماشياً مع خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، تركز مبادرة الحزام والطريق المفتوحة والشاملة بشكل كبير على الصحة العامة، والاستدامة البيئية، والنمو الاقتصادي.

وخلال خطاب الافتتاح، دعا الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، إلى «تغيير قواعد اللعبة» الاقتصادية الدولية، معتبراً أنها «معادية لتقدم» دول الجنوب. وشدد الرئيس الكوبي على أن البلدان النامية هي الضحية الرئيسية «للأزمة الحالية المتعددة الأبعاد التي يشهدها العالم، والاضطرابات الدورية في التجارة والتمويل الدولي والتجارة غير المتكافئة الجائرة، فضلاً عن ظاهرة الاحتباس الحراري».

من جهته، حض الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، على تصعيد المطالب على صعيدي التكنولوجيا الرقمية والتحول في مجال الطاقة. وقال: إن الحوكمة العالمية تبقى غير متكافئة، والأمم المتحدة، ونظام بريتون وودز، ومنظمة التجارة العالمية تفقد من مصداقيتها، ويجب ألا ننقسم. وتابع لولا أن «الثورة الرقمية» و«التحول في مجال الطاقة» هما تغييران رئيسيان جاريان.

دور الصين

وفي قمة مجموعة الـ77 زائد الصين هذا العام، لم تعمل بكين على تجميع الموارد وبناء الإجماع على النمو الشامل فحسب؛ بل وأيضاً حشدت القوى من أجل التضامن ضد الأزمات المتتالية. وتدعم الصين، المواقف العادلة والمطالب المشروعة لمجموعة الـ77، فضلاً عن دعم الالتزام المشترك الموسع بالتعددية والتعاون والتنمية، والذي يتعهد بعدم ترك أي بلد يتخلف عن الركب.

وقال إدواردو ريغالادو، الباحث البارز في مركز أبحاث السياسة الدولية في كوبا، لوكالة أنباء «شينخوا» إن الصين حافظت على سياسة منهجية ومتسقة، لدعم الكتلة المتعددة الأطراف (مجموعة الـ77).

وأوضح ريغالادو أن الصين زودت دول الجنوب العالمي بالوسائل اللازمة للتعبير عن احتياجاتها وتعزيز المصلحة الاقتصادية الجماعية وتحسين قدرتها على التفاوض المشترك.

وتؤكد الصين الحاجة الملحة إلى الاستفادة من التعاون الرقمي والتكنولوجي، لسد فجوات التنمية وحماية العدالة العالمية، لا سيما عندما تحتكر حفنة من البلدان الكبيرة أغلب براءات الاختراع والتكنولوجيا ومراكز البحوث على مستوى العالم، وتضغط على مساحة التنمية في البلدان الأخرى.

وباعتبارها تعد دولة نامية وعضواً في الجنوب العالمي، وقفت الصين مع زملائها من البلدان النامية في السراء والضراء، سعياً وراء مستقبل مشترك معهم؛ حيث لم تعد مطالبهم واهتماماتهم المشروعة مهملة. وقال نائب رئيس مركز المعرفة الدولية للتنمية، تشو تايدونغ: إنّ حقيقة إرسال الصين وفداً رفيع المستوى إلى قمّة مجموعة الـ77 والصين تُظهر أنّ الصين عضو طبيعي في الجنوب العالمي، وستظلّ جزءاً من الجنوب إلى الأبد.

مخاطر وتحديات مُتعددة

وأضاف تشو أنّ بكين أكّدت التعاون بينها وبين الدول النامية، مشيراً إلى أنّ الدول النامية تُواجه مخاطر وتحديات مُتعددة، بما في ذلك تغيّر المناخ، وعجز البنية التحتية، إضافة إلى أزْمتي الغذاء والطاقة.

وقال الباحث في معهد دراسات أمريكا اللاتينية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، تشو تشي وي: إنّ القمّة ستساعد الدول النامية على تنسيق سياساتها بشكلٍ أفضل، وضمان استقرار البيئة السياسية العالمية بشكلٍ مُشترك، ومعارضة عقلية الحرب الباردة والتكتّل.

وبسبب القومية الاقتصادية القوية للولايات المتحدة، يواجه الأمن العالمي والتنمية الاقتصادية تحديات شديدة وتهديداً بالتفكك. وفي هذا السياق، ومن أجل ضمان تحرك النظام العالمي في اتجاه يتوافق إلى أقصى حد مع رفاهية أغلب البلدان والشعوب، تثبت الصين ومجموعة الـ 77 مرة أخرى أنها قوى سياسية إيجابية في العالم، وتتخذ خطوات حاسمة وتعاوناً وفاعلية لحماية مستقبل سلمي ومزدهر للعالم.

يشار إلى أن مجموعة الـ 77 تأسست في 15 يونيو/ حزيران من عام 1964؛ حيث تم إطلاق «الإعلان المشترك لدول الـ 77» في ختام الاجتماع الدولي الأول للحكومات الأعضاء في منظمة التجارة العالمية «الأونكتاد» وكان أول اجتماع رئيسي للمجموعة في الجزائر في عام 1967.



إقرأ المزيد