جريدة الإتحاد - 7/15/2025 11:24:15 PM - GMT (+4 )

استضافت العاصمة أبوظبي اجتماعاً تاريخياً بين الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، في خطوة تعكس الدور البارز للإمارات في تعزيز السلام بين الدولتين المتنازعتين على إقليم «ناغورنو قره باغ».
وقد أشاد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، بهذه المبادرة، مؤكداً أنها تمثل خطوةً إيجابية نحو تحقيق سلام دائم في المنطقة. وهذا اللقاء يعكس السياسة الثابتة لدولة الإمارات في تعزيز الحوار الدبلوماسي والعمل على تسوية النزاعات.البلدان الجاران، أذربيجان وأرمينيا، واللذان خاضا حرباً ضروساً لأعوام، كلاهما أدركا بعد الحرب الأضرارَ التي لحقت بهما. واقتنعا بأن السلام والتصالح هو التوجه السليم الذي سيخدم البلدين والشعبين، وبأن مشروع المصالحة سيحول حالة العداء والاقتتال إلى سلام مستدام، لينعم شعبا البلدين بالأمان والطمأنينة، وليسود السلام والاستقرار منطقةَ جنوب القوقاز.
وتُعد الإمارات اليوم طرفاً محورياً في تسوية الأزمات، بفضل الدبلوماسية الهادئة التي ينتهجها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. وتبرز هذه المبادرةُ قدرةَ الإمارات على الجمع بين الأطراف المتنازعة، بناءً على علاقات متوازنة مع كل من أرمينيا وأذربيجان، فضلاً عن شراكاتها الاقتصادية القوية مع كلا البلدين.
هذا التوازن في العلاقات الدولية منح الإمارات موقعاً مرموقاً في السياسة العالمية. وتساوقاً مع هذا السياق، تجمع دولة الإمارات بين الانفتاح الاقتصادي والتفاعل الدبلوماسي الفعال، وقد سجلت تاريخاً حافلاً في مجال الوساطة الدولية. ومن ذلك فقد أدت دوراً محورياً في إتمام اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا عام 2018، وأسهمت في تهدئة التوترات بين الهند وباكستان في مراحل حرجة من الصدام بينهما.. مما يعكس التزامها الثابت بتحقيق الاستقرار في المنطقة والعالم.
وهذا مع العلم بأن سياسة الإمارات لا تقتصر على حلول مؤقتة، بل تسعى لتحقيق سلام دائم ومستدام في مختلف بؤر الصراع والتوتر. التوازن الذي تتمتع به الإمارات في علاقاتها مع كل من أرمينيا وأذربيجان جعلها وسيطاً محايداً وموثوقاً فيه وقادراً على كسر الجمود الدبلوماسي بين الطرفين. كما أن الإمارات لا تقتصر في دورها على الوساطة التقليدية، بل تضع مصلحة الأطراف في صميم استراتيجيتها، مما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار بعيداً عن الضغوط السياسية والإعلامية. ومن شأن هذا النهج أن يسمح للأطراف المتنازعة بالثقة في عملية التفاوض، حيث لا تفرض الإمارات أي حلول غير مرغوب فيها على أي طرف.
ومن خلال اللقاء الأخير بين أرمينيا وأذربيجان، أكدت الإمارات قدرتَها على التوسط في النزاعات الدولية بحِرَفية عالية، بعيداً عن الاصطفافات والمحاور السياسية. هذا التوجه يعكس تحولاً في الدور الإماراتي، من مجرد داعم إنساني إلى فاعل رئيسي في صياغة الاستقرار الإقليمي والدولي.
لم تعد الإمارات مجرد وسيط، بل أصبحت شريكاً أساسياً في تصميم الحلول السياسية المستدامة، بفضل مصداقيتها المتزايدة على الساحة الدولية. كما أن الدبلوماسية الإماراتية تركز على تعزيز التعاون بين الأطراف المتنازعة، وتوجيههم نحو حلول تعود بالنفع على الجميع. ويُعد لقاء أبوظبي بين علييف وباشينيان أكثر من مجرد اجتماع رمزي، فهو فرصة حقيقية لوضع نهاية لأحد أطول النزاعات في منطقة جنوب القوقاز، مما يعزز دور الإمارات كداعم رئيسي للسلام. وتُعد دبلوماسيتها الهادئة اليوم نموذجاً يُحتذى به في الوساطة السياسية.
وتُظهر الإمارات من خلال هذا الدور المتنامي، أنها لم تعد مجرد دولة داعمة للسلام، بل أصبحت لاعباً أساسياً في صياغة الحلول، مما يعزز مكانتَها في الساحة الدولية. والإمارات تُثبت يوماً بعد آخر أنها دولة قادرة على تقديم الحلول بعيداً عن النزاعات السياسية الضيقة، متخذةً من قيم السلام والعدالة أساساً لسياساتها الخارجية.
هذا الرصيد الدبلوماسي الذي تراكم عبر السنين، له مرجعية تاريخية تعود إلى مؤسس الاتحاد، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي استطاع بحكمته ورؤيته الثاقبة، أن يرسخ قيم الأخوّة والسلام والمصالحة، في إقامة اتحاد الإمارات، بتوفيق من الله، ويتمثلها على نهجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
*سفير سابق
إقرأ المزيد