خبراء ماليون لـ«الاتحاد»: الأسهم والذهب والعملات المشفّرة الأكثر استفادة من تخفيض الفائدة
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

حسام عبدالنبي (أبوظبي) 

حدّد خبراء ومحللون ماليون عدداً من القطاعات، التي ستتأثر بقرار الفيدرالي الأميركي بشأن خفض الفائدة الأميركية، حيث أجمعوا على أن جاذبية الأسهم تتزايد في حال انخفاض الفائدة البنكية وتراجع العائد على أسواق النقد.  وقال هؤلاء لـ«الاتحاد»: إن قرار خفض الفائدة، قد يضغط على الدولار الأميركي، إلى جانب الضغط على عوائد السندات والدولار الأميركي، مما يسهم في تحقيق الذهب موجات صعودية جديدة، خصوصاً في ظل مشتريات البنوك المركزية القوية، والتدفقات القوية للصناديق الاستثمارية «ETF».  وأشاروا إلى أن خفض الفائدة الأميركية سيُسهم في تعزيز أسعار العملات المشفرة بشكل إضافي، كما أكدوا أن تراجع أسعار الفائدة المنخفضة تسهم في تضييق هوامش الفائدة الصافية «NIMs» لدى قطاع البنوك، فإن البنوك قد تستفيد من نمو القروض وانخفاض مخاطر التعثر.  وأوضحوا أن ضعف الدولار يجذب عادة تدفقات إلى الأسواق الناشئة، مما يخفف عبء الديون الخارجية، ويدعم أداء الصناديق العقارية «REITs»، كما أن خفض معدلات الفائدة يُحرّك الطلب على العقارات وشراء المنازل في الولايات المتحدة، مع توقعات بتراجع معدل الرهن العقاري تأثراً بالقرار، إلى جانب خفض التكلفة على المطورين، الذين يقترضون من أجل تنفيذ مشروعاتهم، لافتين إلى أن أهمية اجتماع الفيدرالي تكمن في توقع وتحديد المسار المستقبلي أكثر من قرار الفائدة ذاته، بمعنى أن التوقعات الاقتصادية ومخطط النقاط ستكون المرجع الأساسي لرسم مسار الأسواق.
يُذكر أن الفيدرالي الأميركي قد أجرى العام الماضي ثلاثة تخفيضات متتالية لمعدلات الفائدة، فيما يُعد قرار تخفيض الفائدة الخطوة الأولى من نوعها في عام 2025، ولكن قد لا تكون الأخيرة ضمن سلسلة من التخفيضات الإضافية المرجّحة خلال ما تبقى من العام.

الرابحون والخاسرون 
وتفصيلاً، حدّد هيثم عضيمة، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخدمات المالية في شركة «الرمز كوربوريشن للاستثمار والتطوير»، الرابحين والخاسرين من قرار الفيدرالي الأميركي بشأن أسعار الفائدة، وقال: إن انخفاض العائد المتوقع على الودائع البنكية وكذلك السندات والصكوك، ينعكس إيجاباً وبشكل عام على الاستثمار في الأسهم، التي تصبح أكثر جاذبية للمستثمرين، موضحاً أن تراجع الفائدة الأميركية ينعكس بشكل خاص على البورصات الأميركية، حيث تزداد تدفقات رؤوس الأموال إليها، نظراً لتحول السيولة من الاستثمار في الودائع والسندات إلى الأسهم الأميركية.
وتابع: إن تراجع الفائدة يُعزز من جاذبية الذهب كملاذ أمن في أوقات الاضطرابات، خاصة في ظل ضعف الدولار الأميركي المتوقع.
وأضاف: أن العملات المشفرة تستفيد أيضاً من انخفاض الفائدة، حيث أصبحت اليوم تعتبر نوعاً من أنواع الملاذات الآمنة.
وأكد أنه في المقابل يتأثر القطاع المصرفي جزئياً بانخفاض العائد على الفائدة، ولكن بنسبة تتراوح بين 3% و5%، مع الإشارة إلى أن تراجع الفائدة قد يزيد من جاذبية التمويلات والقروض المصرفية، مما يزيد من حجم الائتمان الممنوح من البنوك.
واستكمل: رغم أن انخفاض الفائدة يقلّل من جاذبية العائد على الصكوك والسندات، فإنه قد يشجّع الشركات والدول على مزيد من الإصدارات، نظراً لتراجع التكلفة، لافتاً إلى أن تأثير خفض الفائدة على التدفقات الاستثمارية وعلى ديون الحكومات يتفاوت من حيث ارتباط عملة الدولة بالدولار الأميركي، فعلي سبيل المثال يكون التأثير أقل على الدول الناشئة، مقارنة بالولايات المتحدة الأميركية، نظراً لأن المديونية تكون ثابتة والإصدارات الجديدة من أدوات الدين تكون محدودة، مقارنة بأميركا. 

موجة صعود 
من جهته، قال فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمار في «سنشري فاينانشال»: إن تفاؤل المستثمرين بأن ضعف سوق العمل المعتدل وتراجع التضخم سيمنح مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الثقة لبدء دورة التيسير المنتظرة منذ فترة، جعل الأسهم الأميركية تواصل صعودها خلال الأسبوع الماضي، في واحدة من أسرع موجات الصعود خلال خمسة أشهر على مدار نصف القرن الماضي. وأوضح أن مؤشر الدولار الأميركي تراجع بنسبة 0.12% الأسبوع الماضي، ويواصل التداول على مستويات منخفضة مع انتظار المستثمرين لقرار خفض الفائدة، مما قد يضغط على الدولار. 
وأشار إلى أن الذهب واصل ارتفاعه منذ أواخر أغسطس وحتى منتصف سبتمبر، مدعوماً بتوقعات قوية لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر، حيث أدت بيانات ضعف سوق العمل إلى الضغط على عوائد السندات والدولار الأميركي، مما أسهم في صعود الذهب. 
وأضاف: أن مشتريات البنوك المركزية القوية، والتدفقات القوية للصناديق الاستثمارية «ETF»، وعدم اليقين بشأن سياسات ترامب، عززت الطلب على الذهب كملاذ آمن، حيث زادت تدفقات الصناديق الاستثمارية «ETF» بنسبة 80.3 تريليون دولار في الربع الثاني من العام الحالي، منبهاً بأن اختراق الذهب لمستوى 3675 دولاراً قد يدفع لموجة صعودية جديدة.

المسار المستقبلي 
بدورها، أفادت دانييلا سابين هاثورن، كبيرة المحللين في «كابيتال دوت كوم»، بأن الأسواق العالمية بدت مرتاحة قبل إعلان قرار الفائدة، إذ إنّ الأسهم قرب أعلى مستوياتها، والكثير من التيسير تم تسعيره بالفعل. 
وقالت: إن العقود الآجلة تشير إلى توافق شبه كامل على خفض الفائدة الأميركية بمقدار 25 نقطة أساس، مع احتمال ضعيف لخفض أكبر بمقدار 50 نقطة، وهذا التوجّه يعكس مزيجاً من البيانات الأخيرة والمعطيات التي تبرر التيسير، لكن لا تدعم خطوة كبيرة.
وأشارت هاثورن، إلى أن الاهتمام في اجتماع الفيدرالي سيكون منصبّاً على المسار المستقبلي أكثر من القرار نفسه، بمعني أن التوقعات الاقتصادية ومخطط النقاط ستكون المرجع الأساسي للأسواق. 
وتابعت: إن وجود تصويت منقسم أو معارضة لخفض الفائدة سيعكس وجود نقاش داخلي ويزيد من حالة عدم اليقين بشأن مسار الفائدة.

توظيف السيولة 
وقالت تشارو تشانانا، رئيسة استراتيجيات الاستثمار في «ساكسو بنك»، أنه مع تراجع عوائد أسواق النقد، يمكن للمستثمرين إعادة توظيف السيولة في السندات لتحقيق العائد، أو في الأسهم للنمو، أو في الأصول الحقيقية مثل الذهب والبنية التحتية من أجل التنويع. وتابعت: إن الأسهم غالباً ما تستفيد من السياسات النقدية التيسيرية، حيث تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى تقليل تكاليف التمويل وتحسين التقييمات، كما أن الفرص تتوسع إلى ما بعد شركات التكنولوجيا الكبرى.
وأكدت أن أسعار الفائدة المنخفضة تؤدي إلى تضييق هوامش الفائدة الصافية «NIMs» في قطاع البنوك، خاصة إذا انخفضت عوائد القروض أسرع من تكاليف الودائع، مما يعني أن البنوك قد تتأخر في الاستفادة عند بداية خفض الفائدة، ولكن إذا امتدت دورة الخفض وحافظت على أوضاع ائتمانية صحية، فقد تستفيد البنوك من نمو القروض وانخفاض مخاطر التعثر، مشيرة إلى أن البنوك في الأسواق الناشئة عادة ما تستفيد على وجه أوضح من ضعف الدولار الأميركي وتدفقات رؤوس الأموال.
وترى تشانانا، أن أدوات الدخل الثابت «السندات» عالية الجودة تُوفر مزيجاً جذاباً من العائد والمخاطر وفوائد التنويع، ومن المرجح أن يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تراجع عوائد الخزانة، مما يتيح للسندات الحكومية وسندات الدرجة الاستثمارية تحقيق عوائد متوسطة في حدود خانة واحدة خلال العام المقبل. وأوضحت أن ضعف الدولار يُجذب عادة تدفقات إلى الأسواق الناشئة، مما يخفف عبء الديون الخارجية ويدعم أداء الأسهم. ولفتت إلى أن أي قطاع يجمع بين استثمارات رأسمالية كبيرة وتدفقات نقدية طويلة الأمد «مثل التعدين، والمرافق، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية، وخطوط الأنابيب، والصناديق العقارية»، قد يحقق مكاسب أكبر عند تراجع تكاليف التمويل، مختتمة بالتأكيد على أنه عند ربط هذه القطاعات الكثيفة رأس المال بموضوعات الطلب الهيكلية مثل طاقة الذكاء الاصطناعي، والتحول الكهربائي، والتحول في قطاع الطاقة، تصبح الصورة أكثر قوة.

سوق العمل 
ويرى إينريكيه دياز ألفاريز، المحلّل الرئيس في شركة «إيبوري - Ebury»، إن المؤشرات تتزايد على تباطؤ سوق العمل، مما يضاعف الضغوط على الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، فيما تواصل الأسهم تحقيق مستويات قياسية جديدة بشكل غير مُتسق مع المعطيات الاقتصادية. 
وأشار إلى أن الدولار الأميركي ظل متماسكاً، ربما بسبب الصعوبات التي تواجه منافسيه الرئيسيين، مثل الركود المستمر في منطقة اليورو، وتفاقم الركود التضخمي في المملكة المتحدة، مؤكداً أنه في المقابل يبرز الذهب كأكبر المستفيدين.

العملات المشفّرة  
أكد سيمون بيترز، محلل العملات المشفرة لدى «إيتورو»، أن سعر «بيتكوين» ارتفع بنسبة 4% خلال الأسبوع الماضي، متجاوزاً مستوى 116 ألف دولار، مدفوعاً ببيانات التضخم الأميركية الأكثر اعتدالاً واستمرار مؤشرات الضعف في سوق العمل.
وقال: إن هذا الارتفاع جاء بالتزامن مع خمسة أيام متتالية من التدفقات الإيجابية إلى صناديق الاستثمار المتداولة الفورية في البيتكوين، بإجمالي 2.32 مليار دولار، مما يشير إلى تجدد اهتمام المؤسسات بالعملات المشفّرة، وسط توقعات بخفض أسعار الفائدة.



إقرأ المزيد