جريدة الإتحاد - 9/18/2025 2:13:49 AM - GMT (+4 )

تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة جهودها الرامية إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، باعتباره أداة استراتيجية تعمل على رفع كفاءة العمل في القطاعات الحيوية، ومن بين أبرز هذه القطاعات الأمن الغذائي، الذي توليه الإمارات أهمية قصوى باعتباره قطاعاً يرتبط بشكل مباشر بأفراد المجتمع، ولديه انعكاسات مباشرة على صحتهم وأمنهم الغذائي، حيث تعمل الدولة على رفع كفاءة العمل فيه، مع تعزيز الإنتاج الغذائي المحلي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد. ويشكّل الذكاء الاصطناعي عنصراً محورياً في تحقيق هذه الأهداف، إذ يُستخدم لتطوير الزراعة الذكية، ومراقبة سلامة الغذاء، وتحسين التوقعات الخاصة بالطقس والمناخ، وتحسين إدارة الموارد الطبيعية.
وقد أعلنت هيئة الزراعة والسلامة الغذائية في أبوظبي، في هذا الإطار، عن شراكة استراتيجية مع مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، لتبني حلول الذكاء الاصطناعي في الممارسات الزراعية المستدامة، ورفع معايير سلامة الغذاء. وتعكس هذه الشراكة التزام الهيئة بتوظيف التقنيات المتقدمة لدعم السياسات الوطنية وتحقيق التكامل بين التكنولوجيا والقطاع الغذائي، إذ تهدف الاتفاقية إلى تحفيز الإبداع التقني عبر تنظيم ورش عمل تطبيقية ومسابقات وأنشطة متعددة، كما تركّز على تطوير حلول مبتكرة تتماشى مع متطلبات عمل الجهات، وتسهم في تنمية المهارات الرقمية وتعزيز فكر الابتكار لدى فرق العمل.
وتستهدف رؤية دولة الإمارات في مجال الأمن الغذائي والزراعي مواصلة الاستثمار في الابتكار، وتعزيز الشراكات الدولية في مجال الزراعة الذكية، وتبني تقنيات أكثر تطورًا مثل الزراعة الرأسية، والزراعة في البيئات المغلقة، واستخدام الروبوتات الزراعية، وأنظمة الاستشعار المتقدمة، وتُعد «استراتيجية الأمن الغذائي 2051» التي تسعى إلى رفع الإنتاج المحلي وتعزيز التكنولوجيا الزراعية، إطاراً طويل الأجل يُترجم عملية توظيف الذكاء الاصطناعي إلى سياسات وتطبيقات واقعية.
وقد أكد معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، أن هذه الشراكة تأتي في إطار جهود دولة الإمارات لتعزيز مكانتها مركزاً عالمياً رائداً في تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتعكس تكامل الأدوار بين الجهات الحكومية وتشكّل ركيزة أساسية لتسريع الابتكار واستحداث حلول ذكية ومستدامة لمواجهة التحديات المستقبلية.
وتأتي هذه الشراكة لتضاف إلى قائمة المبادرات التقنية النوعية المتطورة والمتواصلة، التي تطلقها مؤسسات الدولة الاتحادية والمحلية، فعلى سبيل المثال، تُوظَّف في إمارة دبي تقنيات الزراعة، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لمراقبة المحاصيل وتحسين جداول الري وتقليل استخدام المياه وتخطيط الإنتاج، بناءً على تحليلات دقيقة لظروف التربة والجو، ما يتيح رفع الإنتاجية وتوفير المياه، وهو أمر ذو أهمية كبيرة في المناخ الصحراوي، الذي تندر فيه الموارد المائية المتجددة. كما يعمل مركز الزراعة الملحية الدولي الذي يتخذ من دبي مقراً له على تطوير الزراعة في البيئات القاحلة، والمناطق ذات الملوحة العالية، عبر تقديم أصناف نباتية وتكنولوجيات تقاوم الجفاف والملوحة، ويعمل هذا المركز على تحليل بيانات الحقول الزراعية بما قد يتيح تبني حلول ذكية في المستقبل.وتعمل مؤسسات الدولة على اعتماد منهجيات دولية مُحكمة، تُظهر مدى الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في القطاع الزراعي، وقد حصلت هيئة الزراعة والسلامة الغذائية في أبوظبي مؤخراً على شهادة «آيزو» خاصة بنظم إدارة الذكاء الاصطناعي، ما يجعلها أول جهة زراعية عالمياً تحصل على مثل هذه الشهادة، وهو ما يظهر الحرص على اعتماد أفضل الممارسات الدولية وفق معايير شفافة وآمنة.
تواصل دولة الإمارات من خلال مبادراتها النوعية، واستثماراتها في التقنيات المتقدمة، ريادتها في مسيرة التحول الرقمي العالمي، واضعة الإنسان في قلب منظومتها التقنية، وتأتي الشراكات المؤسسية والتعاون البناء بين القطاعات الحكومية لتشكّل اللبنة الأساسية في سبيل رفع كفاءة العمل، واستخدام أفضل الممارسات والتقنيات الذكية والمتطورة.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
إقرأ المزيد