بوليتيكو: جولة ترامب الخليجية لا تبشّر بالخير لإسرائيل
أيلاف -

إيلاف من بيروت: نشرت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية مقالا بعنوان "جولة ترامب الخليجية لا تبشّر بالخير لإسرائيل"، للكاتب جامي ديتمر، تناول فيه ملامح التحوّل المحتمل في العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، في ضوء جولة ترامب الخليجية الحالية التي استهلها اليوم من السعودية، ويزوج خلالها كل من قطر والإمارات العربية المتحدة.

وبحسب المقال، فإن غياب إسرائيل عن هذه الجولة – رغم أنها حليف تاريخي للإدارات الجمهورية – لم يمر مرور الكرام في الأوساط السياسية داخل تل أبيب، حيث يتزايد القلق من احتمال تغيّر أولويات ترامب، الذي بدا أكثر تركيزًا على تحقيق مكاسب اقتصادية.

مصالح اقتصادية تفرض شروطًا سياسية
يشير ديتمر إلى أن ترامب يسعى خلال هذه الزيارة إلى توقيع اتفاقيات تتعلق بالطاقة، التجارة، والاستثمار، وهي مصالح تحظى بأولوية قصوى لدى إدارته. وقد أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال مؤتمر صحافي مشترك، عن نية بلاده ضخ استثمارات تصل إلى 600 مليار دولار في السوق الأميركية، في حين تُبدي كل من قطر والإمارات استعدادًا لعقد صفقات مشابهة.

لكن مقابل هذه الاستثمارات، لا تُخفي العواصم الخليجية رغبتها في تحصيل مكاسب سياسية، وفي مقدمتها الضغط من أجل وقف الحرب في غزة، وعودة الأطراف إلى مسار تفاوضي يشمل حل الدولتين، وهو ما تصفه بوليتيكو بأنه "أولوية متنامية" في جدول أعمال القادة الخليجيين، الذين يربطون أي خطوات نحو "تطبيع موسّع" مع إسرائيل، بخطوات عملية على الأرض.

وأشار ديتمر إلى أن السعودية "تُصرّ على أنه لا يمكن أن يكون هناك تطبيع في العلاقات مع إسرائيل إلا بعد تحرّك إسرائيلي دبلوماسي واضح على صعيد حلّ الدولتين".

نتانياهو في وضع حساس
ويضيف المقال أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي استفاد مبدئيًا من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وشعر حينها بأن الضغوط الأميركية السابقة التي مارستها إدارة جو بايدن ستتراجع، بدأ يواجه واقعًا مختلفًا. فترامب، الذي سبق وعبّر عن "خيبة أمل شخصية" من نتانياهو بسبب تهنئته المبكرة لبايدن بفوزه في انتخابات 2020، لا يُبدي اليوم ذلك الحماس العلني لدعم خطوات إسرائيل العسكرية في غزة، بل يظهر أكثر انشغالًا بإبرام صفقات تجارية مع الخليج.

وفيما لا تزال حكومة نتانياهو تُصرّ على مواصلة عملياتها العسكرية في غزة، رغم التراجع الدولي في مستوى الدعم، فإن تصاعد الضغوط الخليجية – من السعودية تحديدًا – يُشكّل عاملًا جديدًا في المعادلة، خاصة في ظل التقارب الأخير بين الرياض وطهران، ورغبة الطرفين في تعزيز الاستقرار بعد سنوات من التوتر.

صدمة في تل أبيب بعد اتفاق مفاجئ مع الحوثيين
من أبرز التطورات التي سلّط عليها المقال الضوء، إعلان اتفاق غير متوقّع بين واشنطن وجماعة الحوثيين المدعومة من إيران، يتضمّن وقف استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر مقابل وقف القصف الجوي على مناطق في اليمن. وقد جاء الإعلان مباشرة بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون على مطار بن غوريون، ما تسبب في تعطيل عدد من الرحلات الدولية، وزاد من الضغوط السياسية على الحكومة الإسرائيلية.

وترى بوليتيكو أن الاتفاق الأميركي-الحوثي لم يُنسَّق مع إسرائيل، التي فوجئت به، ما عزّز الشعور لدى نتانياهو بأن أولويات إدارة ترامب لم تعد متطابقة تمامًا مع الأجندة الأمنية الإسرائيلية، خاصة في ما يتعلّق بإيران وأذرعها في المنطقة.

"هذا التطوّر أضاف إحباطاً جديداً إلى إحباطات نتنياهو ... الذي عاد من زيارته مؤخراً لواشنطن بخُفّي حُنين – فلا هو حصل على موافقة بتوجيه ضربة إسرائيلية لمنشآت إيران النووية، ولا هو أبرم اتفاقاً بشأن الرسوم الجمركية"، وفقاً لصاحب المقال.

الخليج يطالب باتفاق نووي جديد واستقرار دائم
وبحسب الخبير في شؤون الشرق الأوسط ستيفن كوك، الذي نقلت عنه الصحيفة، فإن جولة ترامب تمثّل "فرصة سياسية واقتصادية لدول الخليج"، التي تسعى إلى تجاوز مرحلة التوترات الإقليمية، وترغب في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في ظل تراجع دور بعض وكلائها الإقليميين، وتحوّل أولوياتها إلى التنمية الاقتصادية.

يرى كوك أن نهج ترامب في السياسة الخارجية "ينطلق من مصالح اقتصادية أولًا"، ويُركّز على العائد السريع، وهو ما يجعل من استقرار الخليج عاملًا ضروريًا لأي استثمار طويل الأجل. في المقابل، فإن استمرار الحرب في غزة، وتصاعد التوتر مع إيران، يشكّلان عائقًا أمام تحقيق هذه الرؤية، ويضعان نتانياهو أمام خيارات محدودة، إما الاستجابة للضغوط أو مواجهة عزلة إقليمية ودولية متزايدة.

وأخيراً، وبخلاف الوضع في 2017، "يرغب قادة الخليج في إبرام اتفاق نووي مع إيران، حيث ينشدون الاستقرار في المنطقة"، لا سيما الآن بعد تعرّض أذرُع إيران في المنطقة للتدمير الشديد، وبعد سقوط نظام الأسد في سوريا - والذي كان حليفاً لإيران، بحسب الكاتب.

* أعدت "إيلاف" التقرير عن بوليتيكو: المصدر



إقرأ المزيد