«الإخوان».. ممارسات مشبوهة لإفشال التسوية السلمية في السودان
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

عبدالله أبوضيف (القاهرة)

في الوقت الذي تطرح فيه «الرباعية الدولية»، التي تضم الإمارات ومصر والسعودية والولايات المتحدة، مبادرات وحلولاً سياسية لوقف الحرب الأهلية في السودان، تتصاعد لهجة العنف الصادرة عن جماعة «الإخوان» بعد عودتها بقوة إلى المشهد السوداني، مما أدى إلى تأزم الموقف.
وشدد محللون، تحدثوا لـ«الاتحاد»، على أن عودة الإخوان إلى المشهد السوداني تمنع أي أفق سياسي، وتهدد البلاد بالتقسيم، وهو ما يظهر جلياً في رفض «سلطة بورتسودان» لأي خطة صادرة عن الرباعية الدولية لإنهاء الحرب الأهلية، مما يهدد السودان بعزلة دولية، لا سيما مع رغبة الشعب السوداني في حل الأزمة المستمرة منذ أكثر من 32 شهراً، والتي أدت إلى أكبر موجة نزوح داخلي في العالم، إضافة إلى مجاعة تطارد نحو نصف السكان.
وتشير بعض التقارير إلى أن السودان قد يشهد عودة إلى قوائم الإرهاب الدولية من جديد، بعد أن نجحت الحكومة الانتقالية السابقة عام 2020 في رفع اسم البلاد منها لأول مرة منذ عام 1993، خاصة أن المجتمع الدولي يرى في التنظيم الإخواني ومحاولاته بالسودان إعادة تشكيل للإرهاب الدولي، نظراً لعلاقاته مع جماعات إرهابية، من بينها «داعش» و«بوكو حرام» و«الشباب» الصومالية، إلى جانب ميليشيات الحوثي في اليمن.
ويرتبط ذلك أيضاً بعدم رغبة المجتمع الدولي في إعادة مشاهد الإرهاب التي شاركت فيها جماعة الإخوان وتزعمتها في فترة التسعينيات من القرن الماضي، ومن ضمنها استغلال الأراضي السودانية كمنطلق للإرهاب العالمي الذي استهدف السفارات الأجنبية والأميركية، مثل تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998، وتفجير المدمرة الأميركية «كول» عام 2000، وصولاً إلى ارتباط السودان ببيئة إنتاج الإرهاب التي خرج منها منفذو هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وقال الخبير القانوني السوداني، معز خضرة: إن جماعة الإخوان تمثل خطراً وجودياً على السودان، ولن تشهد البلاد سلاماً أو استقراراً حقيقياً ما لم يتم اجتثاث جذور المشروع الإخواني، الذي يرفض كل مبادرات الحل، من اتفاق جدة والمنامة إلى مؤتمر دول جوار السودان في القاهرة.
وأضاف خضرة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الجماعة تدفع نحو استمرار الحرب الأهلية اعتقاداً بأنها وسيلتها للعودة الكاملة إلى السلطة، من دون اكتراث بمخاطر تفكك البلاد كما حدث في جنوب السودان، لافتاً إلى أن بعض رموز الجماعة كانوا يتحدثون سابقاً عن «مثلث حمدي» كبديل لدولة موحدة، مؤكداً أن وجود قياداتها في بورتسودان اليوم يعكس عدم اعتراضها على الانقسام.
وأوضح خضرة أن التنظيم الإخواني استولى على الحكم في 30 يونيو 1989 وحوّل مؤسسات الدولة إلى مشروع أيديولوجي مغلق يرفض الاعتراف بالآخر، قبل أن يطيح به السودانيون في ثورة 11 أبريل 2019، منوهاً بأن انقلاب أكتوبر 2021 أعاد الجماعة إلى مفاصل الدولة عبر نفوذها داخل القوات المسلحة وأجهزتها الأمنية، وهناك مجموعات مسلحة ذات توجهات إسلاموية تقاتل اليوم إلى جانب القوات المسلحة السودانية رفضاً لأي انتقال سياسي أو تسوية سلمية.

حملات تشويش
من جهتها، شددت الباحثة في الشؤون الدولية، ميرا زايد حمزة، على أن الخطاب الإعلامي الصادر عن جماعة الإخوان بالسودان يعكس نمطاً ثابتاً من استهداف أي طرح سياسي جاد يمكن أن يقود لتهدئة الأوضاع، مؤكدة أن هذه الحملات تسعى إلى التشويش وصرف الانتباه عن الحقائق.
وقالت حمزة لـ«الاتحاد»: إن الجماعة، منذ بداية الأزمة، تبنت خطاباً تصعيدياً يرفض الاعتراف بالمأساة الإنسانية المتفاقمة، وبدلاً من الانخراط في مسار سياسي واقعي اختارت الهجوم الإعلامي على كل مبادرة للحل أو أي جهد دولي للوساطة والتهدئة.
وأضافت أن هذا الأسلوب ليس جديداً، إذ طالما استخدمت الجماعة أدوات الإعلام والدعاية لخلق روايات بديلة تحاول فيها إلصاق الفشل بالآخرين وتجنب مواجهة مسؤوليتها عن الأزمات المتراكمة في السودان منذ عقود.
وأشارت إلى أن هذه الحملة الإعلامية ليست سوى امتداد لنهج يقوم على الهروب إلى الأمام بدلاً من الاستجابة للمعطيات الفعلية على الأرض، لافتة إلى أن الخطاب الإخواني يتراجع أمام الوقائع التي تكشف حجم الكارثة الإنسانية وضرورة التوصل إلى تسوية سياسية توقف النزيف وتعيد السودان إلى مسار الاستقرار.



إقرأ المزيد