من الأساطير إلى الخوارزميات.. 40 محطة صنعت تاريخ الذكاء الاصطناعي جريدة الإتحاد - 11/14/2025 9:56:30 AM - GMT (+4 )
[unable to retrieve full-text content]
إسلام العبادي(أبوظبي)
على الرغم من أن فكرة الذكاء الاصطناعي (AI) تبدو حديثة، إلا أن جذورها تمتد عميقًا في التاريخ البشري.
من الأساطير القديمة عن آلات واعية، مرورًا بأولى المحاولات الميكانيكية لصنع أجهزة ذاتية الحركة، سعى الإنسان منذ القدم لمحاكاة الذكاء البشري بطريقة آلية. ومع منتصف القرن العشرين، شهد هذا المجال قفزة نوعية، حين بدأت الحواسيب في التعلم والتفكير بشكل يشبه البشر، لتتحول فكرة الذكاء الاصطناعي من خيال فلسفي إلى واقع ملموس يغيّر حياتنا.
هذا التاريخ الحافل تخللته محطات مفصلية عدة، شكلت مسار الذكاء الاصطناعي وتطوره عبر العصور، وهنا 40 من هذه المحطات التي رسمت مساراً طويلاً بدأ بأحلام القدماء إلى ابتكارات العصر الحديث، موضحة كيف أصبح الذكاء الاصطناعي قوة محركة تُعيد صياغة حياتنا اليومية ومستقبلنا القريب.
الأساطير والآلات الذاتية في العصور القديمة
تعود أقدم تصورات الذكاء الاصطناعي إلى الأساطير الإغريقية مثل أسطورة Talos (تالوس)، وهو تمثال برونزي متحرك حرس جزيرة كريت، إضافة إلى محاولات المهندسين القدماء صنع آلات ذاتية الحركة. على سبيل المثال، ابتكر المخترع الإغريقي كيتيسبيوس في القرن الثالث قبل الميلاد ساعة مائية ذاتية التنظيم تعتبر من أول الأجهزة الآلية في التاريخ.
في القرن الثاني عشر الذي شهد ازدهاراً للعلوم في الحضارة الإسلامية.. صمّم المهندس بديع الزمان أبو العز الجزري عشرات الأجهزة الميكانيكية القابلة للبرمجة مثل ساعة الفيل الشهيرة، مما يجعله رائدًا مبكرًا لفكرة الروبوت.
محاولات التفكير الآلي في القرون الوسطى والحديثة المبكرة
شهدت الفترة من القرن الـ13 حتى الـ19 محاولات لوضع أسس نظرية للذكاء الاصطناعي. ففي عام 1308 اقترح العالم رايموند لول نظامًا منطقيًا ميكانيكيًا (في كتاب الفن العظيم) لتوليد المعارف آليًا. وفي عام 1666 وضع الفيلسوف لايبنتز تصورًا لـ"لغة كونية" يمكن بواسطتها تمثيل الأفكار رمزيًا وجعل الاستنتاجات المنطقية عملية آلية.
تشارلز باباج
كما شهد القرن الـ19 ولادة فكرة الحاسوب القابل للبرمجة عبر آلات تشارلز باباج التحليلية، والتي وضعت لها آدا لوفلايس أول خوارزمية عام 1843، وتعتبر تلك الخوارزمية أول برنامج حاسوبي منشور في التاريخ.
1921 – صياغة مصطلح "روبوت"
شهد مطلع القرن العشرين انتقال مفاهيم الذكاء الاصطناعي إلى الأعمال الأدبية والفنية. ففي عام 1921 عُرضت مسرحية "رجال روسوم الآليّون العالميون (R.U.R.)" للكاتب التشيكي كارل تشابك، والتي ظهرت فيها كلمة روبوت لأول مرة لوصف كائنات صناعية تشبه البشر. انتشرت هذه الكلمة سريعًا وأصبحت تُستخدم عالميًا للإشارة إلى الآلات ذات الهيئة البشرية، ممهدةً لدخول مفهوم الروبوتات إلى الثقافة والتكنولوجيا.
مشهد من مسرحية "رجال روسوم الآليّون العالميون"
1950 – اختبار تورينج وبداية التساؤل حول ذكاء الآلة
نشر العالم البريطاني آلان تورينج ورقته الشهيرة "الآلات الحاسوبية والذكاء" التي طرح فيها سؤالًا جوهريًا: "هل يمكن للآلة أن تفكّر؟". قدم تورينج اختباره المعروف باختبار تورينج كمقياس لقدرة الحاسوب على إظهار سلوك ذكي يماثل الإنسان؛ فإذا عجز المحكّمون عن التفريق بين ردود الآلة والإنسان في محادثة مكتوبة، تُعتبر الآلة ذكية. شكلت هذه الورقة حجر الأساس للكثير من أبحاث الذكاء الاصطناعي اللاحقة.
العالم البريطاني آلان تورينج
1956 – ولادة مصطلح "الذكاء الاصطناعي" رسميًا
عقد مجموعة من الباحثين صيف عام 1956 مؤتمر دار تموث الشهير في الولايات المتحدة بدعوة من عالم الحاسوب جون مكارثي. في مقترح هذا المؤتمر ظهر لأول مرة مصطلح "الذكاء الاصطناعي" لوصف حقل دراسي جديد يهدف إلى جعل الآلات تفكر. يُعتبر مؤتمر دارتموث الحدث المؤسس رسميًا لعلم الذكاء الاصطناعي، حيث اجتمع روّاد المجال مثل مكارثي ومينسكي وكلود شانون لوضع تصورات أولية لبناء آلات ذكية.
عالم الحاسوب جون مكارثي
1958 – اختراع الشبكة العصبية (بيرسيبترون) ولغة ليسب
شهد عام 1958 إنجازين تأسيسيين في الذكاء الاصطناعي. أولهما اختراع عالم النفس فرانك روزنبلات لنموذج البيرسيبترون (Perceptron)، وهو نموذج مبسط لشبكة عصبونية صناعية يستطيع تعلم أنماط من البيانات، ويُعد الأساس الذي بنيت عليه فكرة الشبكات العصبية الحديثة. وثانيهما قيام جون مكارثي بابتكار لغة البرمجة LISP التي سرعان ما أصبحت اللغة المفضلة لبرمجة تطبيقات الذكاء الاصطناعي لعقود.
نموذج البيرسيبترون
1961– أول روبوت صناعي في خط الإنتاج
بدأت تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالانتقال من المختبر إلى الصناعة في مطلع الستينيات. ففي عام 1961 قامت شركة جنرال موتورز بتشغيل الروبوت Unimate في مصنعها كنظام أوتوماتيكي يقوم بتجميع الأجزاء المعدنية الثقيلة. كان Unimate أول روبوت صناعي يستخدم في خط إنتاج تجاري، مما مثّل نقلة نوعية نحو أتمتة المهام الصناعية الخطرة والمتكررة بواسطة الآلات الذكية.
روبوت Unimate، أول روبوت صناعي ناجح في العالم
1965 – ابتكار أول نظام خبير (برنامج DENDRAL)
شهد عام 1965 تطوير أول نظام خبير في الذكاء الاصطناعي على يد فريق بحثي بقيادة إدوارد فيجنباوم في جامعة ستانفورد. النظام المسمى DENDRAL صُمم لمساعدة العلماء في مجال الكيمياء على تحليل طيف المواد العضوية والتعرف على بنيتها الجزيئية. تميز DENDRAL بقدرته على محاكاة خبرة المختصين البشريين في حل مشكلة محددة، فكان بذلك أول نموذج لما أصبح يُعرف بـالأنظمة الخبيرة التي ازدهرت في العقود اللاحقة.
DENDRAL.. نظام الخبراء الرائد
1966 – برنامج إليزا وبزوغ المحادثة مع الحاسوب
طوّر الباحث جوزيف فايزنباوم في معهد MIT برنامجًا حاسوبيًا بسيطًا للمحادثة أسماه إليزا (ELIZA). كانت إليزا قادرة على تقليد طريقة المحاور النفساني في الحوار، حيث تطرح أسئلة مقتضبة بناءً على مدخلات المستخدم. ورغم بدائيتها، تمكنت إليزا من خداع بعض المستخدمين ليظنوا أنهم يتحادثون مع إنسان. يُعتبر إليزا أول شات بوت في تاريخ الذكاء الاصطناعي ومهد الطريق لتطوير واجهات المحادثة الذكية.
برنامج المحادثة" إليزا"
1969 – الروبوت شاكي (Shakey) أول روبوت ذكي متحرك
نجح معهد ستانفورد للأبحاث (SRI) في تطوير الروبوت Shakey، وهو روبوت متحرك مزوّد بقدرات بصرية وذكاء اصطناعي بدائي جعله قادرًا على فهم التعليمات والتنقل في بيئة مبسطة. تميّز شاكي بأنه جمع بين تقنيات متعددة – كالاستشعار بالكاميرات وتحليل الصور والتخطيط المنطقي للحركة – بشكل جعله يُنفّذ أوامر معقدة (مثل دفع صندوق إلى مكان ما). يعتبر Shakey جدّ الروبوتات الجوّالة الذكية ومن أوائل المشاريع التي ربطت بين الذكاء الاصطناعي والروبوتيك.
1973 – تقرير لايتهايل وشتاء الذكاء الاصطناعي الأول
في عام 1973 أصدر عالم الرياضيات البريطاني جيمس لايتهايل تقريرًا تقييمياً حول أبحاث الذكاء الاصطناعي لصالح الحكومة البريطانية. خلص التقرير إلى انتقاد شديد للمبالغات في وعود هذا الحقل وعدم تحقق إنجازات عملية كافية، مما أدى إلى إحراج مجتمعات البحث. ونتيجة لذلك قلّصت الحكومة البريطانية بشكل حاد تمويل أبحاث الذكاء الاصطناعي. تسبب هذا الحدث فيما يُعرف بـ"شتاء الذكاء الاصطناعي" الأول في منتصف السبعينيات، حيث دخل المجال في فترة ركود وتراجع اهتمام وتمويل على نطاق عالمي.
1980 – انبعاث الأنظمة الخبيرة تجاريًا
مع حلول عام 1980 عاد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي بفضل نجاح الأنظمة الخبيرة في حل مشاكل صناعية. ظهر نظام XCON من شركة Digital Equipment كنموذج لنظام خبير تجاري يُستخدم فعليًا في شركات التقنية. استخدم XCON قواعد معرفية لتنظيم الطلبات المعقدة لحواسيب الشركة، وساعد في توفير ملايين الدولارات عبر أتمتة عمليات كانت تتطلب خبراء بشريين. شكل نجاحه دافعًا لتبنّي الذكاء الاصطناعي في قطاعات الأعمال خلال الثمانينيات.
1984 – مصطلح "الشتاء الثاني للذكاء الاصطناعي"
في منتصف الثمانينيات، بدأ بريق الأنظمة الخبيرة يخفت بسبب تكلفتها العالية ومحدوديتها، بالتزامن مع انتشار حواسيب شخصية أرخص وأعلى كفاءة. في مؤتمر للجمعية الأمريكية للنهوض بالذكاء الاصطناعي عام 1984، حذر باحثون من تضخم التوقعات غير الواقعية، وظهر مصطلح "الشتاء القادم للذكاء الاصطناعي". بالفعل، بحلول 1987 انهار سوق حواسيب Lisp المتخصصة وتوقف الكثير من الاستثمار في مشاريع AI، ليدخل المجال في ركود ثانٍ أواخر الثمانينيات.
1997 – حاسوب ديب بلو يهزم بطل العالم في الشطرنج
حقق الذكاء الاصطناعي انتصارًا تاريخيًا عندما تمكن حاسوب IBM ديب بلو (Deep Blue) من هزيمة بطل العالم في الشطرنج غاري كاسباروف في مباراة رسمية عام 1997. اعتُبرت هذه المباراة علامة فارقة، فالشطرنج لطالما اعتُبر اختبارًا ذكائيًا صعبًا. استخدم ديب بلو تقنيات بحث متقدمة وقوة حوسبة هائلة لتحليل 200 مليون موقف في الثانية. أثبت هذا الإنجاز تفوق الآلة على الإنسان في مهام تتطلب تفكيرًا تحليليًا ضمن نطاق محدد، وأثار جدلًا واسعًا حول حدود قدرات الذكاء الاصطناعي.
2005 – أول سيارة ذاتية القيادة تكمل سباق DARPA
بعد محاولات عدة فاشلة، نجح فريق من جامعة ستانفورد عام 2005 في تطوير سيارة Stanley ذاتية القيادة التي فازت بتحدي الوكالة الأمريكية DARPA. استطاعت Stanley اجتياز مضمار صحراوي طوله 212 كم دون أي تحكم بشري، وفازت بجائزة مليوني دولار. شكل هذا الفوز نقطة تحول في أبحاث السيارات ذاتية القيادة، إذ أثبتت عمليًا إمكانية اعتماد المركبات الروبوتية على الطرق الوعرة. منذ ذلك الحين تسارعت جهود تطوير مركبات ذاتية لقلّة، مما مهّد لظهور خدمات سيارات الأجرة الذاتية تجاريًا في العقد التالي.
2011 – الحاسوب واتسون يفوز في مسابقة "جيوباردي"
طورت شركة IBM نظام ذكاء اصطناعي يدعى واتسون (Watson) متخصص في فهم اللغة الطبيعية والبحث في قواعد بيانات ضخمة. في عام 2011، دخل واتسون في منافسة تلفزيونية شهيرة للمعلومات العامة Jeopardy! ضد بطلين من البشر وفاز بالمركز الأول. أظهر واتسون قدرات غير مسبوقة في فهم أسئلة معقدة بصياغات لغوية ملتوية والإجابة عنها خلال ثوانٍ. اعتُبر فوز واتسون دليلًا على نضج تقنيات معالجة اللغة الطبيعية والبحث الدلالي، وفتح الباب لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تطبيقات الأعمال والتحليل الطبي لاحقًا.
"واتسون" بطل برنامج جيوباردي
2011 – إطلاق المساعد الصوتي "سيري" وانتشار الذكاء الاصطناعي للمستخدمين
في العام نفسه 2011، طرحت شركة Apple مساعدها الذكي سيري (Siri) ضمن هاتف آيفون 4Stechtarget.com. مثّل Siri أول تجربة واسعة النطاق لتفاعل الملايين من المستخدمين مع مساعد شخصي ذكي يفهم الأوامر الصوتية وينفذها (مثل إجراء الاتصالات وإرسال الرسائل والبحث على الويب). نجاح Siri تبعته موجة من المساعدات الرقمية (مثل أمازون أليكسا ومايكروسوفت كورتانا) ما بين 2014 و2016، مما رسّخ دور الذكاء الاصطناعي كمكوّن أساسي في الهواتف الذكية والأجهزة المنزلية.
2012 – الثورة العميقة في التعلم شبكة أليكس نت
حقق فريق بقيادة العالم جيفري هينتون في 2012 إنجازًا علميًا غيّر اتجاه أبحاث الذكاء الاصطناعي. قام الفريق بتطوير شبكة عصبونية التفافية عميقة عُرفت باسم AlexNet اشتركت في مسابقة ImageNet لتصنيف الصور وفازت بفارق كبير عن جميع الخوارزميات التقليدية. أظهرت AlexNet قوة التعلّم العميق المستند إلى شبكات عصبية متعددة الطبقات ومعالجة كميات ضخمة من البيانات باستخدام وحدات GPU. كان هذا الفوز نقطة تحول حيث انطلقت بعدها طفرة في أبحاث التعلم العميق، وتتابعت الإنجازات في رؤية الحاسوب ومعالجة اللغات باستخدام هذه التقنيات.
2016 – AlphaGo يهزم بطل العالم في لعبة Go
حققت شركة DeepMind التابعة لجوجل اختراقًا آخر عندما تغلب نظام AlphaGo القائم على التعلم العميق والتعزيز على بطل العالم في لعبة غو (Go) الكوري لي سيدول في مارس 2016. ولعبة Go معروفة بتعقيدها الهائل (أصعب بكثير من الشطرنج)، وظل التفوق فيها حكرًا على البشر حتى ذلك التاريخ. استخدم AlphaGo تقنيات شبكات عصبية عميقة مزدوجة (شبكة سياسات تحرك القطع وشبكة تقييم لتقدير الفوز) إلى جانب التدريب عبر ملايين الجولات. مثل هذا الفوز برهانًا قويًا على إمكانيات التعلم العميق المعزز لحل مشكلات بالغة التعقيد، وقورِنَ هذا الإنجاز بفوز Deep Blue في الشطرنج قبل 20 عامًا.
2018 – ولادة نماذج المحولات (Transformers) وبداية عصر الـGPT
في أواخر عقد 2010 ظهرت معمارية جديدة قلبت الموازين في معالجة اللغات الطبيعية: إنها نماذج المحولات التي قدمتها ورقة "Attention is All You Need" عام 2017. هذه المعمارية مكّنت الباحثين من بناء نماذج لغوية ضخمة تفهم السياق بشكل غير مسبوق. وبالاستناد إليها، أطلقت مؤسسة OpenAI في عام 2018 النموذج اللغوي GPT-1 الذي كان قادرًا على توليد نصوص مفهومة بعد تدريبه المسبق على كم هائل من النصوص. فتح هذا التطور الباب لعائلة نماذج GPT اللاحقة الأكبر حجمًا والأقوى أداءً، وأثبت أن التعلم المسبق على نطاق واسع يمكن أن يزوّد الآلة بقدرات لغوية أشبه بالبشر.
ومع تسارع تطور الذكاء الاصطناعي في العقد الأخير، تجاوزت البشرية مرحلة التنظير والتجارب المحدودة، لتدخل عصر التحول الحقيقي.
لم يعد الذكاء الاصطناعي مشروعًا علميًا فحسب، بل أصبح قوة محركة تعيد صياغة الاقتصاد والإبداع والبحث العلمي في آن واحد. ومنذ عام 2020، شهد العالم انفجارًا في الابتكارات والاختراقات التقنية التي غيّرت ملامح هذا المجال بشكل جذري، لتبرز مجموعة من المحطات المفصلية التي أرست ملامح الذكاء الاصطناعي كما نعرفه اليوم.
2020 – إطلاق نموذج GPT-3 العملاق
كشفت OpenAI في يونيو 2020 عن نموذج اللغة الضخم GPT-3 الذي احتوى على 175 مليار مُعامل مثّل GPT-3 نقطة تحول في الذكاء الاصطناعي التوليدي بقدرته المذهلة على إنتاج نصوص شبيهة بكتابات الإنسان في مواضيع متنوعة بعد تلقّي تعليمات بسيطة. أظهر النموذج إمكانات غير مسبوقة في إنشاء المقالات والإجابة عن الأسئلة وحتى كتابة الأكواد البرمجية، مما أشعل اهتمامًا عالميًا واسعا بـنماذج اللغة الضخمة واستخداماتها التجارية.
2020 – ألفاغولد تحل لغز بروتينات الجسم
في نوفمبر 2020 أعلن مختبر DeepMind عن نجاح نظام AlphaFold 2 المبني على الذكاء الاصطناعي في حل مشكلة تنبؤ بنية البروتين ثلاثية الأبعاد بدقة فائقة. استطاع AlphaFold خلال منافسة CASP14 العلمية توقع كيفية انطواء سلاسل الأحماض الأمينية للبروتينات بشكل صحيح، وهو إنجاز اعتبره العلماء اختراقًا مكافئًا لحل واحدة من أعقد التحديات البيولوجية. فتح هذا الإنجاز الباب أمام تسريع الاكتشافات في علوم الحياة، مثل فهم الأمراض وتطوير الأدوية، مما أبرز قدرة الذكاء الاصطناعي على المساهمة في العلوم الأساسية وليس فقط التطبيقات التقنية.
2020 – أول خدمة سيارات أجرة ذاتية القيادة بالكامل
في أكتوبر 2020 أصبحت شركة Waymo "التابعة لجوجل" أول من يطلق خدمة روبوتاكسي بدون سائق احتياطي للعامة في مدينة فينيكس بأريزونا. بدأت سيارات وايمو ذاتية القيادة بنقل الركاب ضمن نطاق محدد دون وجود أي سائق بشري داخل المركبة، متقدمة بذلك على جميع المنافسين في مضمار القيادة الذاتية.
شكّل هذا الحدث معلمًا بارزًا يثبت نضج تكنولوجيا السيارات الذاتية ويفتح الباب أمام عصر جديد من خدمات المواصلات التي تعتمد كليًا على الذكاء الاصطناعي في قيادة المركبات على الطرق العامة.
2020 – أول دواء من تصميم الذكاء الاصطناعي يدخل التجارب
في تطور لافت بمجال الصحة، أعلنت شركة Exscientia في 2020 عن انتقال عقار DSP-1181 المصمم بواسطة الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة التجارب السريرية البشرية (الطور الأول). استُخدم نظام ذكاء اصطناعي لاستكشاف ملايين التركيبات الكيميائية الممكنة وتحديد جزيء دوائي محتمل لعلاج اضطراب الوسواس القهري خلال 12 شهرًا فقط. يُعتبر هذا العقار أول دواء يُكتشف ويُصمَّم بالكامل عبر خوارزميات AI، مما يثبت الدور الواعد للذكاء الاصطناعي في تسريع اكتشاف الأدوية وتخفيض كلفتها بشكل غير مسبوق.
2021 – انطلاق عصر المبرمج الآلي (GitHub Copilot)
شهد عام 2021 إطلاق خدمة GitHub Copilot التي تمثل مساعدًا برمجيًا ذكياً للمطورين مدعومًا بنموذج OpenAI. يستطيع Copilot قراءة كود المستخدم وتعليقاته، ثم يقترح تلقائيًا أسطرًا برمجية وأكوادًا تكمل المشروع بشكل ذكي. في البداية قوبل الأمر ببعض الشك، لكن سرعان ما اعتبر المطورون Copilot أداة تعزز إنتاجيتهم بدلاً من أن تحل محلهم. شكّل هذا الحدث منعطفًا في البرمجة بمساعدة الذكاء الاصطناعي، إذ بات من الممكن اعتبار الـAI "زميل برمجة" يقترح حلولًا فورية ويسرّع عملية كتابة البرمجيات.
2022 – طفرة توليد الصور
DALL-E 2 والنماذج المفتوحة – في عام 2022 حدثت قفزة هائلة في قدرة الذكاء الاصطناعي على توليد الصور من النصوص. أطلقت OpenAI في إبريل 2022 نموذج DALL-E 2 القادر على إنشاء صور فنية فائقة الدقة من أوصاف نصية حرة، مما أذهل المتخصصين والعامة على حد سواءbaseten.co. وبعده بأشهر قليلة، تم نشر النموذج المفتوح المصدر Stable Diffusion لعامة المستخدمين، والذي أتاح لأي شخص توليد صور متنوعة بجودة عالية باستخدام حاسوبه الشخصي. هذه التطورات جعلت تقنيات توليد الصور بالذكاء الاصطناعي متاحة على نطاق واسع، وأحدثت ثورة في مجالات الفن الرقمي والتصميم والإعلانات من خلال دمقرطة الإبداع الرقمي بمساعدة النماذج التوليدية.
نوفمبر 2022 – إطلاق ChatGPT وانتشار الذكاء الاصطناعي التوليدي
في نهاية عام 2022 كشفت OpenAI عن واجهة المحادثة الذكية ChatGPT المعتمدة على نموذج GPT-3.5، وقد أتاحت للمستخدمين لأول مرة إجراء حوارات تفاعلية مطوّلة مع ذكاء اصطناعي متقدم عبر واجهة دردشة سهلة. حقق ChatGPT خلال أسبوعاته الأولى معدل انتشار غير مسبوق، إذ تجاوز عدد مستخدميه مليون مستخدم في أقل من أسبوع، ووصل إلى 100 مليون مستخدم خلال شهرين فقط – وهو أسرع انتشار لخدمة إنترنت في التاريخ. مثّل ChatGPT لحظة مفصلية جعلت الذكاء الاصطناعي التوليدي حديث العامة في كل مكان، ودشّن حقبة جديدة يستخدم فيها الناس AI للمساعدة في الكتابة والترجمة والإجابة عن الأسئلة وحتى البرمجة اليومية.
صيف 2022 – جدل نموذج LaMDA ووعي الآلة
أثار أحد نماذج المحادثة المتقدمة لشركة جوجل ويسمى LaMDA جدلًا عالميًا في يونيو 2022 عندما زعم مهندس في الشركة (بليك ليموين) أن النموذج وصل مرحلة وعي ذاتي وشعور، بناءً على تفاعلاته معه.
ورغم أن الخبراء والمختصين نفوا هذه الادعاءات وأكدوا أن النموذج يفتقر للوعي الحقيقي، إلا أن هذه الحادثة سلطت الضوء على تطور قدرات نماذج المحادثة وكيف يمكن لتصرفاتها المقنعة أن تربك حتى بعض المتخصصين. كما فتحت نقاشًا أخلاقيًا حول معايير اختبار "وعي" الآلات وحول مخاوف تجاوز حدود الذكاء الاصطناعي.
مارس 2023 – إصدار GPT-4 وتنافس عمالقة التقنية في الذكاء الاصطناعي
أعلنت OpenAI في مارس 2023 عن نموذجها الأحدث GPT-4 الذي يتميز بقدرته متعددة الوسائط (فهم النصوص والصور) وتحسينات كبيرة في دقة الإجابات واستنتاج المعلومات. بالتزامن، اندلع سباق بين عمالقة التكنولوجيا: مايكروسوفت أدمجت GPT-4 في محرك بحث Bing لتقديم مساعد بحثي ذكي، وجوجل سارعت بإطلاق النموذج المنافس Bard للرد على أسئلة المستخدمين. عكست هذه التطورات اشتداد المنافسة على نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة وحرص الشركات الكبرى على دمجها في منتجاتها اليومية (البحث، المستندات، البريد الإلكتروني) مما جعل الذكاء الاصطناعي جزءًا جوهريًا من منصات تقنية يستخدمها المليارات.
مارس 2023 – دعوة عالمية لوقف تطوير أنظمة أقوى من GPT-4
أثارت سرعة تقدم الذكاء الاصطناعي مخاوف بين بعض الخبراء والقادة التقنيين. ففي مارس 2023 نشر معهد Future of Life رسالة مفتوحة وقعها الآلاف – بمن فيهم إيلون ماسك وستيف وزنياك – تدعو إلى وقفة لمدة 6 أشهر في تطوير أنظمة AI أقوى من GPT-4. عبّر الموقعون عن قلقهم من مخاطر الذكاء الاصطناعي المتقدم على المجتمع إذا تطور دون ضوابط، مطالبين بوضع معايير سلامة أقوى. رغم اختلاف الآراء حول هذه الدعوة، لكنها كانت علامة بارزة على الانتقال من مرحلة الانبهار بالـAI إلى مرحلة التفكير الجاد في سلامته وتنظيمه على مستوى عالمي.
مايو 2023 – استقالة جيفري هينتون وتحذيره من مخاطر الذكاء الاصطناعي
اتخذ جيفري هينتون، أحد رواد مجال الشبكات العصبية والحائز على لقب "عرّاب الذكاء الاصطناعي"، خطوة جريئة في ربيع 2023 عندما ترك منصبه في جوجل ليحذر علنًا من مخاطر تسارع تطوير الذكاء الاصطناعي. صرّح هينتون بأنه نادم جزئيًا على مساهمته في هذا التقدم السريع، ونبّه إلى إمكانية استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي لتوليد معلومات مضللة على نطاق واسع أو تهديد الوظائف البشرية. شكلت استقالته جرس إنذار داخل مجتمع التقنية والسياسة على السواء، إذ أكد أن حتى أبرز المطوّرين يشعرون بالقلق من عواقب نظم الذكاء الاصطناعي القوية، مما زاد زخم الدعوات لوضع أطر تنظيمية وأخلاقية للتعامل مع هذه التقنية.
يونيو 2023 – شركة Meta تطرح نموذج LLaMA المفتوح
في خطوة لافتة نحو دمقرطة أبحاث الذكاء الاصطناعي، أطلقت شركة Meta (فيسبوك سابقًا) في 2023 نموذج لغة كبير باسم LLaMA ووفّرته للباحثين بشروط مخففة. يهدف هذا النموذج إلى منح مجتمع البحث الأكاديمي إمكانية دراسة نماذج بحجم يماثل GPT-3 تقريبًا دون قيود تجارية، بغية تعزيز الشفافية وفهم كيفية عمل هذه الأنظمة. إلا أنه بعد إطلاقه بفترة وجيزة، تم تسريب النموذج كاملًا على الإنترنت في مارس 2023، مما أثار جدلًا حول مخاطر نشر النماذج المتقدمة مفتوحة المصدر. مع ذلك، اعتبر كثير من الخبراء هذه الخطوة نقطة تحول لإطلاق موجة من النماذج مفتوحة المصدر المنافسة وزيادة وتيرة الابتكار خارج احتكار الشركات الكبرى.
صيف 2023 – احتجاجات هوليوود على الذكاء الاصطناعي في الإبداع
أدى انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية في كتابة السيناريوهات وإنتاج المحتوى إلى قلق في قطاع الترفيه. في 2023، اندلعت إضرابات تاريخية لنقابات كتّاب السيناريو والممثلين في هوليوود، مطالبةً بوضع ضوابط صارمة لاستخدام الـAI في صناعة السينما والتلفزيون. خشي الكتّاب من استبدالهم بخوارزميات تكتب النصوص، كما خشي الممثلون من استغلال تقنيات التزييف العميق لصورتهم دون تعويض. استمرت الاحتجاجات لأشهر وأسفرت في النهاية عن اتفاقيات تلزم الاستوديوهات بعدم استعمال الذكاء الاصطناعي لتوليد نصوص كاملة أو استنساخ أداء الممثلين دون إذن. شكّل ذلك سابقة تُؤطّر العلاقة بين الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي، وقد تكون نموذجًا يقتدي به عمال قطاعات أخرى للحفاظ على حقوقهم في عصر الأتمتة المتقدمة.
سبتمبر 2023 – مساعد مايكروسوفت Copilot يدمج GPT-4 في تطبيقات Office
أعلنت شركة مايكروسوفت في مارس 2023 عن إطلاق ميزة Microsoft 365 Copilot، وهو عبارة عن مساعد ذكي مدعوم بـGPT-4 مدمج في حزمة تطبيقات أوفيس المكتبية. يستطيع كوبايلوت مساعدة المستخدم في كتابة مستندات Word عبر توليد نصوص أولية، وإنشاء عروض PowerPoint تقديمية كاملة بناءً على ملفات نصية، وتحليل جداول Excel واستخلاص التقارير منها، بل وحتى تلخيص البريد الإلكتروني والرد عليه في Outlooktheverge. تمثل هذه الخطوة إيصال قدرات الذكاء الاصطناعي الإنتاجي مباشرةً إلى بيئة عمل ملايين المستخدمين اليومية، مما أحدث تغييرًا جذريًا في أساليب العمل المكتبي وزاد الإنتاجية عبر أتمتة المهام الروتينية للإبداع البشري.
أكتوبر 2023 – أمر تنفيذي أميركي لتنظيم الذكاء الاصطناعي
في 30 أكتوبر 2023 وقع الرئيس الأميركي جو بايدن أمرًا تنفيذيًا شاملًا لوضع أول إطار فيدرالي لإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي وضمان تطويره بشكل آمن ومسؤول. يفرض الأمر متطلبات على شركات الـAI بمشاركة نتائج اختبارات الأمان لنماذجها المتقدمة مع الحكومة قبل إطلاقها، ويؤكد على مبادئ مثل الشفافية وعدم التمييز وحماية الخصوصية في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
يُعد هذا التوجيه التنفيذي علامة فارقة في جهود الولايات المتحدة لتنظيم الذكاء الاصطناعي على المستوى الوطني، ويعكس الاعتراف الرسمي على أعلى المستويات بضرورة التوازن بين الابتكار والحماية في عصر الذكاء الاصطناعي.
نوفمبر 2023 – القمة العالمية الأولى لأمان الذكاء الاصطناعي
استضافت المملكة المتحدة يومي 1 و2 نوفمبر 2023 أول قمة عالمية لسلامة الذكاء الاصطناعي في موقع بلتشلي بارك التاريخي. جمعت القمة قادة من أكثر من 25 دولة – بينها الولايات المتحدة والصين ودول الاتحاد الأوروبي – إلى جانب مدراء أبرز شركات التقنية وخبراء الذكاء الاصطناعي، وذلك لمناقشة المخاطر المستقبلية للذكاء الاصطناعي ووضع أسس للتعاون الدولي بشأنها.
نتج عن القمة "إعلان بلتشلي" الدولي الذي أقرّ بالحاجة لمعالجة مخاطر الذكاء الاصطناعي المتقدمة (مثل النماذج التوليدية المطورة جدًا)، كما اتُفق على آلية لاختبار نماذج الذكاء الاصطناعي الكبرى بالتنسيق بين الحكومات والشركات قبل إطلاقها تجاريًا. تمثل هذه القمة بداية عملية لصياغة حوكمة عالمية للذكاء الاصطناعي لضمان تطويره بشكل آمن ومسؤول على المدى البعيد.
ديسمبر 2023 – تبني الاتحاد الأوروبي لقانون الذكاء الاصطناعي
وافق الاتحاد الأوروبي في أواخر 2023 على مسودة نهائية لـقانون الذكاء الاصطناعي (AI Act) ليكون بذلك أول إطار قانوني شامل ينظم الذكاء الاصطناعي في العالم. يحدد القانون معايير صارمة خاصة للأنظمة ذات المخاطر العالية (مثل أنظمة اتخاذ القرارات في التوظيف أو التشخيص الطبي)، ويمنع بعض التطبيقات الخطرة (كالتعرف الفوري على الوجوه في الأماكن العامة) ويفرض متطلبات شفافية على النماذج التوليدية العامة. يهدف هذا القانون إلى ضمان موثوقية وعدالة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويتوقع أن يصبح نموذجًا تحتذي به دول أخرى في وضع التشريعات المنظمة لهذا القطاع المتسارع.
يوليو 2024 – صدور أول قانون حكومي شامل للذكاء الاصطناعي في ولاية أميركية
في منتصف 2024 أصبحت ولاية كولورادو الأميركية الأولى في الولايات المتحدة التي تسن قانونًا عامًا شاملًا ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي على مستوى الولاية. يفرض القانون الذي سُمّي "قانون كولورادو للذكاء الاصطناعي"التزامات على مطوّري أنظمة الذكاء الاصطناعي لضمان مراعاة السلامة وحماية المستهلكين، بما في ذلك واجب العناية في تطوير أنظمتهم واتخاذ خطوات لتلافي الأضرار المعروفة. يعكس هذا القانون تنامي اهتمام الجهات التشريعية المحلية بالرقابة على تطبيقات الـAI، ومن المتوقع أن تلحق ولايات ودول أخرى بهذا الاتجاه ضمن موجة أوسع لتنظيم التقنية على المستويات الأدنى من الحكومة أيضًا.
سبتمبر 2025 – ChatGPT يبلغ 700 مليون مستخدم نشط أسبوعيًا
بعد أقل من ثلاث سنوات على إطلاقه، استمر ChatGPT (المبني على GPT-3.5 وتحديثاته) في جذب مزيد من المستخدمين حول العالم بوتيرة هائلة. ووفق أحدث التقارير في أواخر 2025، وصل عدد المستخدمين النشطين أسبوعيًا لخدمة ChatGPT إلى حوالي 700 مليون مستخدم. هذا الرقم الضخم يعكس التأثير العالمي غير المسبوق لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية، حيث أصبح الـChatGPT وأمثاله أدوات يستخدمها الناس يوميًا في العمل والدراسة والتسلية. كما يسلّط الضوء على تسارع وتيرة تبنّي الذكاء الاصطناعي بين عموم الجمهور، ويدل على أن الـAI بات جزءًا لا يتجزأ من الحياة الرقمية اليومية للبشر في مختلف أنحاء العالم.
أواخر 2025 – الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط يتكامل مع حياتنا اليومية
بحلول 2025، تطورت واجهات الذكاء الاصطناعي لتصبح أكثر تعددًا للحواس والوسائط. ففي نهاية 2023 أضافت OpenAI إمكانات الرؤية والسمع لنموذج ChatGPT، فأصبح بمقدوره تحليل الصور والإجابة عليها، والتحدث بصوت طبيعي مع المستخدمين. ظهرت تطبيقات تستفيد من هذه القدرات مثل المساعدات الشخصية القادرة على التعرف على ما يحيط بالمستخدم عبر كاميرا الهاتف والرد صوتيًا على أسئلته. كذلك شهدنا تجارب لمترجمين فوريين بتقنية الذكاء الاصطناعي يحولون كلام شخص من لغة إلى أخرى بنفس صوته. كل هذه التطورات تشير إلى اقتراب الذكاء الاصطناعي من أسلوب تواصل بشري متكامل، حيث يستطيع أن يرى ويسمع ويتحدث ويفهم السياق المتعدد مثله مثل الإنسان، مما ينقل تفاعلنا مع الآلات إلى مستوى جديد أكثر سلاسة وطبيعية.
لقد كانت رحلة الذكاء الاصطناعي أشبه بقصة إنسانية طويلة، بدأت بأحلام في الأساطير القديمة، ثم تطوّرت إلى نظريات منطقية، قبل أن تتجسّد في آلات تتعلّم وتفكّر وتتكلّم. وخلال أقل من قرن، انتقل الذكاء الاصطناعي من محاولات أولية خجولة إلى أنظمة تتفوّق على الإنسان في التحليل والتخطيط والابتكار، بل وتشاركنا اليوم مساحاتنا الرقمية والاقتصادية والتعليمية وحتى الإبداعية.
لكن هذه القفزات المتسارعة لا تأتي بلا تحديات. فما بين الآمال العريضة بالتقدم والازدهار، والمخاوف العميقة من فقدان السيطرة، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيبقى الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان؟ أم أن مستقبل العلاقة بيننا وبينه سيعيد تعريف معنى الذكاء ذاته؟ ما هو مؤكّد أن السردية لم تنتهِ بعد... والأعوام القادمة تحمل بين طيّاتها فصولًا جديدة من هذه القصة، ربما تكون أكثر إثارة مما مضى.