جريدة الإتحاد - 12/27/2025 1:26:06 AM - GMT (+4 )
شعبان بلال (القاهرة)
شدد خبراء ومحللون على أهمية الخطوة التي اتخذتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي بتمرير مشروع قانون لتصنيف جماعة «الإخوان» منظمة إرهابية، مما يفتح الباب أمام استراتيجية أميركية جديدة ذات بُعد دولي تستهدف ملاحقة «الجماعة» بشكل أوسع، مؤكدين أن «الإخوان» يعيشون اليوم مرحلة تهاوٍ وانكماش حاد.
وأوضح هؤلاء، في تصريحات لـ «الاتحاد»، أن التحرك الأميركي الجديد لا يمثل مجرد إجراء سياسي عابر أو مرتبط بإدارة معينة، بل يعبر عن قناعة أميركية متنامية بأن جماعة «الإخوان» باتت تشكل تهديداً للأمن القومي، بعد أن ظلت لعقود عبئاً على الشرق الأوسط ومصدراً لولادة التنظيمات الأكثر تطرفاً.
وأشاروا إلى أن هذا التطور سيؤسس لمرحلة جديدة من الملاحقة القانونية والمالية والفكرية لـ«الجماعة» وامتداداتها، خاصة مع اتساع الدعم التشريعي داخل الكونغرس، بما يجعل أي تراجع مستقبلي عن القرار أمراً بالغ الصعوبة، موضحين أن الخطوة الأميركية ستزيد الضغط الدولي على «الإخوان»، وقد تدفع عدداً من الدول العربية إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه «الجماعة»، في ظل مرحلة التهاوي التي يعيشها «الإخوان» حالياً.
استراتيجية جديدة
وقال الخبير الاستراتيجي والسياسي الأردني، الدكتور عامر السبايلة، إن الخطوة التي اتخذتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي بتمرير مشروع قانون لتصنيف جماعة «الإخوان» منظمة إرهابية تمثل نقطة تحوّل جوهرية في طريقة التعامل الدولي مع «الجماعة». وللوصول إلى هذه النقطة، يجب أن يبدأ الجميع بالتعامل مع «الإخوان» على أساس أنهم تنظيم إرهابي، بما يعني الشروع في إجراءات متابعة دقيقة لكل ما يرتبط بالتنظيم، من أفراده وحساباته ونشاطاته، وصولاً إلى الكيانات المنتسبة له، وحتى الأدبيات التي يروج لها.
وأضاف السبايلة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن إقرار القانون سيفتح الباب أمام استراتيجية أميركية جديدة ذات بُعد دولي تستهدف ملاحقة «الجماعة» بشكل أوسع وأكثر تنسيقاً مع الشركاء الدوليين، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد تشديداً في الرقابة والتحركات المرتبطة بـ«الجماعة» على المستويات السياسية والمالية والإعلامية.
مرحلة الانهيار
من جانبه، شدد الباحث في شؤون الإرهاب والحركات المتطرفة، منير أديب، على أن جماعة «الإخوان» أصبحت عبئاً ثقيلاً ليس فقط على الشرق الأوسط والدول العربية كما كان واضحاً خلال العقود الماضية، بل باتت تمثل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة وعدد من الدول الكبرى، مما يفسر هذا التوجه المتصاعد نحو تصنيف «الجماعة» منظمة إرهابية.
وذكر أديب، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن خطوة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي بتمرير مشروع قانون لتصنيف «الإخوان» منظمة إرهابية تأتي امتداداً لجهود سابقة، بدءاً من القرار التنفيذي الذي صدر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي كلف وزارتي الخزانة والخارجية بدراسة الوضع القانوني لـ «الجماعة»، مروراً بتجربة ولاية تكساس الخاصة بإدراج «الجماعة» على قوائم الإرهاب.
وأشار إلى أن التحركات الحالية داخل الكونغرس ليست مرتبطة بحسابات الحزب الجمهوري وحده، كما يتردد في بعض الكواليس، بل تعكس إرادة تشريعية أوسع يشارك فيها الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء، مما يعني أن قرار تصنيف «الإخوان» منظمة إرهابية ليس قراراً ظرفياً أو مرتبطاً بإدارة سياسية بعينها، بل هو توجه أميركي عام يدرك طبيعة التنظيم وصلاته بالعنف، سواءً عبر التنظيمات التي خرجت من رحمه أو التي استلهمت أفكاره منذ تأسيسه عام 1928.
ولفت أديب إلى أن الولايات المتحدة ربما اتخذت هذه الخطوة متأخرة، لكنها في جوهرها ليست خطوة سياسية، بل مبنية على تقييم موضوعي لطبيعة «الجماعة» وسلوكها عبر عقود من الزمن، مؤكداً أن الجهات المعنية في وزارتي الخزانة والخارجية تعمل بالفعل على الانتهاء من الإجراءات اللازمة لوضع «الجماعة» على قوائم الإرهاب، بالتوازي مع مسار تشريعي داخل الكونغرس يضمن عدم تراجع أي إدارة مستقبلية عن القرار.
تشريع ملزم
من جانبها، أوضحت الباحثة في العلوم السياسية، سارة عبد السلام، أن إقرار لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي لمشروع قانون يلزم الرئيس دونالد ترامب بتصنيف «الإخوان» منظمة إرهابية يمثل تحولاً مهماً في طريقة تعامل واشنطن مع هذا الملف، فهذه الخطوة لا تعكس مجرد تغيير في لهجة الخطاب السياسي، بل تشير إلى تحول حقيقي داخل الكونغرس نفسه، بعدما أصبح هناك استعداد أوسع للانتقال من الجدل إلى التشريع الملزم. وأشارت عبد السلام، في تصريح لـ «الاتحاد»، إلى أنه رغم أن المشروع لا يزال بحاجة إلى المرور بتصويت كامل في مجلس النواب ثم مجلس الشيوخ قبل أن يصل إلى مكتب الرئيس، فإن الدعم الحزبي الواسع داخل اللجنة وبمشاركة ديمقراطيين بارزين يعطيه وزناً غير مسبوق، ويجعل احتمالات المضي فيه أكبر مما كانت عليه في أي مرة سابقة، وهذه اللحظة تضع «الجماعة» بالفعل أمام احتمال واقعي بأن تخضع لقانون أميركي صارم لأول مرة.
وذكرت أن التداعيات المحتملة لا تقتصر على البعد الرمزي، فالتصنيف إن تم سيعني إجراءات مباشرة تشمل تضييق مسارات التمويل، ومراقبة المؤسسات التي يُشتبه بارتباطها بـ «الجماعة»، وفرض قيود أشد على التأشيرات والتنقل، كما يمنح الجهات الفدرالية قوة قانونية أكبر في التعامل مع الشبكات التي تقدم نفسها سياسياً لكنها تُعد، في نظر صانعي القرار الأميركيين، مصدراً متزايداً للتهديد.
وشددت عبد السلام على أن هذا القرار سيعزز اصطفاف واشنطن مع الدول العربية التي حظرت «الإخوان» منذ سنوات، مما يجعل البيئة السياسية أقل اتساعاً أمامهم للتحرك، موضحة أن ما جرى داخل لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي ليس خطوة عابرة، بل تطور قد يفتح الباب أمام حظر فعلي متدرج داخل الولايات المتحدة، ويعيد رسم خريطة نفوذ «الجماعة» عالمياً.
إقرأ المزيد


