هذا العام يكون قد مضى 700 عام على أول خطوة للرحالة ابن بطوطة في ارتياد الآفاق، وإن كان أدب الرحلات قد عرف قبله، إلا أنه طفق به عالمياً، حتى غدت شهرة ابن بطوطة قديماً أكثر من شهرة بلده، ومدينته.
أدب الرحلات الذي عرفه الغرب من خلال العرب، ولا أقطع بعدم معرفة الحضارات الأخرى مثل هذا الأدب، لكن العرب عرفوه قديماً، فغالب الشعراء العرب قبل الإسلام «360-610» م، كانوا يتحدثون عن رحلاتهم وتجاربهم وتجوالهم ومغامراتهم من خلال أشعارهم، ولكن في حيز ومساحة جغرافية صغيرة بالرغم من أنهم كانوا يتكبدون لها عناء السفر ووعثائه لأيام وأشهر سيراً على الأقدام ومراوحة على ركوب الخيل أو الأبل، وبعد ظهور الإسلام ظهر الرحالة العرب بقصد التجارة وتبليغ الدعوة أو كسب المعارف، حتى ظهر علم جديد في العصر العباسي عام 846 م، سموه علم «المسالك والممالك»، فظهر الرحالة المشهور «المسعودي» (896-957م)، وكتابة «مروج الذهب ومعادن الجوهر»، والذي له تمثال أعلى متحف التاريخ الطبيعي في فيينا بالنمسا اعترافاً بقيمته وريادته.
وهناك الرحالة «ابن حوقل» (920-977م)، وكتابه «صورة الأرض»، حيث استغرقت رحلته التي بدأها عام 943م، 28 عاماً، ويعد كتاب «رحلات ابن فضلان» (877-960م)، وبدأها عام 921 م، في أول رحلة بطلب من الخليفة العباسي لاكتشاف أوروبا وروسيا، وفي تتارستان في مدينة بلغار الروسية يُحْتَفَى سنوياً بذكرى وصول الرحالة والسفير «ابن فضلان» في 14 مايو 922م.
أما الرحالة «شمس الدين المقدسي»، الذي وُلِد في القدس في عام 947 م، فهو واحد من أبرز الجغرافيين العرب في التاريخ، وقد ألف كتاباً مشهوراً بعنوان «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم»، الذي يُعتبر من أبرز الأعمال في علم الجغرافيا، تُوفي عام 991 م، تاركاً إرثاً غنياً في مجاله، ويُعد محمد الإدريسي (1100-1165) الأهم وأبرز الجغرافيين الذين قدموا وصفاً دقيقاً للأراضي والمدن والبقاع، في كتابه «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» ورسمه أول خريطة للعالم دقيقة، ولكنه رسمها بالمقلوب واضعاً الجنوب في الأعلى والشمال في الأسفل مثل عادتهم في ذاك الوقت، وتعرف بخريطة «روجر»، وذلك حينما طلب منه ملك صقلية «روجر الثاني» عام 1154 رسم خريطة فيها البحار والأنهار والتضاريس الجغرافية فعملها من 70 خريطة جمعت لتصبح أول خريطة للعالم دقيقة جداً، واستغرق العمل فيها 15 عاماً، وله تمثال مدينة سبتة.
وهناك الرحالة «ياقوت الحموي» (1178-1229) صاحب «معجم البلدان»، وكذلك الرحالة «ابن جبير» 1145- 1217، وكتابه «تذكرة الأخبار عن اتفاقات الأسفار» والمعروف حديثاً بـ«رحلة ابن جبير».. وغداً نكمل