جريدة الإتحاد - 12/28/2025 1:06:36 AM - GMT (+4 )
تمضي دولة الإمارات بخُطى ثابتة نحو ترسيخ منظومة صحية أكثر تطوراً واستدامة، تنبثق من رؤية وطنية شاملة تضع صحة الإنسان وجودة حياته في صميم المسار التنموي، وتنظر إلى الرعاية الصحية بوصفها ركيزة أصيلة من ركائز الاستدامة المجتمعية والاقتصادية، منطلِقةً من إيمان القيادة الرشيدة بأن الإنسان هو محور التنمية وغايتها، وأن الارتقاء بجودة حياته يمثّل الاستثمارَ الحقيقي في مستقبل الوطن.
لقد أرست القيادة الرشيدة، منذ عهد المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، نهجاً راسخاً يمنح الاهتمام بالصحة أولوية مطلقة، باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لبناء مجتمع متقدم ومستدام. فمنذ إعلان الاتحاد وقيام الدولة، حرصت القيادة الرشيدة على توفير الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين، من خلال إنشاء شبكة متطورة من المستشفيات الحديثة والمراكز الصحية النموذجية وفق أرقى المعايير العالمية. وقد واصل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، السير على هذا النهج مؤكداً أن «الاستثمار في الصحة هو استثمار في مستقبل أفضل للمجتمع والوطن». وانطلاقاً من هذا الفهم الراسخ، انتقل قطاع الصحة في الدولة من الاستجابة المرحلية إلى التخطيط الاستراتيجي المستدام، فتوارت الحلول المؤقتة لتحل مكانها سياسات وتشريعات متكاملة تواكب التغيرات العالمية وتستبق التحديات. وقد تجسّد ذلك خلال عام 2025 من خلال اعتماد السياسة الوطنية لمكافحة المخاطر الصحية، وتحديث الأطر القانونية المعنية بزراعة الأعضاء والأنسجة، والتوسع في أنظمة التأمين الصحي لتعزيز شمولية الرعاية واستدامتها عبر الأجيال.
وتزامن ذلك مع استثمارات كبرى في البنية التحتية والمشاريع الصحية المبتكرة، كان من أبرزها افتتاح مركز إقليمي لتوزيع اللقاحات في أبوظبي، وإطلاق خطة تطويرية بقيمة 1.3 مليار درهم في مدينة دبي الطبية لإنشاء مجمع طبي متكامل، وإنشاء ثلاثة مصانع دوائية جديدة في الشارقة لتعزيز الأمن الدوائي الوطني وضمان استمرارية الخدمات الطبية.
كما انعكست هذه الجهود في إنجازات بحثية وطبية رائدة، من بينها إصدار أول مرجع جينومي عربي شامل عن جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، ومشاريع بحثية متقدمة يقودها المعهد العالمي للقضاء على الأمراض المعدية لتحليل بيانات الملاريا والحدّ من مخاطر عودتها للمنطقة. وواصل برنامج «حياة» خطواته المتميزة بإجراء نحو 2034 عملية زراعة أعضاء وتدريب أكثر من 10 آلاف من الكوادر الطبيّة المتخصّصة، ما يعزّز التكامل بين الجانب الإنساني والممارسة الطبية المتقدمة.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور محمد سليم العلماء، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية: «إن المؤسسة تمضي بخُطى ثابتة نحو تطوير نموذج صحي أكثر جاهزية واستدامة، وتعمل على توسيع نطاق التحول الرقمي، وتعزيز الاستخدام الفعال للبيانات، بما يدعم جاهزية القطاع الصحي ويواكب أولويات دولة الإمارات في بناء منظومة صحية مرنة وعالية الكفاءة. وقد شهد عام 2025 تقدماً لافتاً في مؤشرات الأداء المؤسسي وتحقيق مشاريعنا التطويرية».
وتُوّجت هذه المسيرة بحصول دولة الإمارات على المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الشمول الصحي الصادر عن «هاليون» و«إيكونوميست إمباكت»، في تأكيد على نجاح برامج التوعية المجتمعية والسياسات الوقائية التي تصل إلى جميع فئات المجتمع وتكرّس مفهوم العافية المستدامة.
إنّ هذه الجهود، مدعومةً برؤية القيادة الرشيدة، وتحولات ملموسة على الأرض، تؤكد أن الإمارات لا تبني فقط منظومة علاجية متطورة، بل ترسّخ نموذجاً صحيّاً وطنيّاً مستداماً يربط بين الوقاية والابتكار والشراكة المجتمعية، ويقوم على الكفاءة والمرونة والإنسانية، بما يضمن صحة أفضل للأجيال الحالية والقادمة. وما تحقَّق حتى اليوم لا يُعد محطة ختام، بل خطوة متقدمة في مسيرة وطنية تجسّد رؤية الإمارات في جعل الصحة حقاً للجميع وركيزةً أساسيةً للتنمية الشاملة وصناعة مستقبل أكثر ازدهاراً.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
إقرأ المزيد


