في تتبع خطى ابن بطوطة -3-
‎جريدة الإتحاد -
[unable to retrieve full-text content]

كانت رحلات الرحالة العرب والمسلمين تتضمن توثيقاً للثقافات والعادات والأماكن التي زاروها، في حين الرحالة الغرب كانت رحلاتهم بهدف الاكتشاف والمغامرة والتسهيل لاستعمار بعض المناطق المكتشفة، ولاحقاً التبشير الديني، وقد ظهر أدب الرحلات في الغرب في أواخر العصور الوسطى، وتطور بشكل جلي في عصر الاكتشافات في القرن الخامس عشر والسادس عشر، فحمل الرحالة الأوروبيون معهم القصص واللوحات والمغامرات من الأراضي الجديدة التي اكتشفوها، خاصة من الشرق الساحر.
من الكتّاب والرحالة البارزين والمكتشفين «كولومبوس» و«ماجلان»، بالإضافة إلى أدباء مثل «ماركو بولو» الذي أرخ رحلته إلى الصين في كتابه «رحلات ماركو بولو» والرحالة «فاسكو دي غاما» الذي عرف طريق الهند بفضل خرائط أسد البحار، الملاح «أحمد بن ماجد».
في النهاية، يمثل أدب الرحلات جسراً بين الثقافات، حيث يسهم في فهم التنوع البشري وتجارب الحياة المختلفة.
لكن من أبرز الرحالة العرب والمسلمين كان «ابن بطوطة»، والذي أطلقت عليه جامعة كامبريدج البريطانية لقب «أمير الرحالة»، وتم تسمية فوهة قمرية باسم «ابن بطوطة» بقطر 12 كلم تقديراً لجهوده في العلم والمعرفة الإنسانية، واسمه كاملاً: «أبو عبدالله محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي»، وابن بطوطة لقبه من قبل أمه، ولد في طنجة، وتوفي في فاس (1304-1369) قام برحلة طويلة حول العالم الإسلامي وأوروبا وآسيا، قطع ثلاثة أضعاف المسافة التي قطعها «ماركو بولو» التاجر والمستكشف الإيطالي.
ويُقدّر البعض المسافات التي قطعها ابن بطوطة بحوالي 220 ألف كيلومتر، عمل قاضياً في الهند عشر سنوات، وسفيراً لها لدى الصين، تزوج في معظم البلدان التي زارها، لكن لا أحد يعرف له ذريّة خلفها. 
يقال: إن له نسلاً في فلسطين، وسوريا. وكتب أو أملى مؤلفه الشهير «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»، أو ما يسمى الآن «رحلة ابن بطوطة» اختصاراً، على يد «ابن جزي الكلبي الغرناطي»، وذلك بأمر من السلطان «أبو عنان المريني» الذي كان معجباً بقصص ابن بطوطة عن الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم في الحياة، وأراد أن يحفظها للأجيال المقبلة، خاصة بعد ما نُهبت كل أموال ابن بطوطة ومدخراته، وبالأخص مدوناته وسجلاته من قبل قراصنة هنود في البحر، وقد ذكر ابن بطوطة هذه الحادثة تأسفاً وتحسراً أربع مرات في كتابه الذي املاه في مدينة فأس، حيث كان قاضياً وقتها، وذلك بين عامي 1355-1356م، يقول ابن بطوطة:
«أعظم فائدة للسفر ليست رؤية أراضٍ جديدة، بل رؤية الناس بعيون جديدة».



إقرأ المزيد